للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالكون صور دائرية متحركة محكومة بنظام العلاقات بين أجزائه، فكل صورة فيه تحكم بعلاقات خاصة، ثم إن هذه الصور الجزئية تمتد عبر العلاقات والروابط مع الصور الأخرى، لتعمل معها ضمن إطار العلاقات التي تشدها نحو الصورة الكبرى، التي تجمعها، وهي صورة العبودية. كذلك، فإن صورة العبودية تمتد إلى صورة الألوهية وهي صورة المركز التي منها صدر كل شيء، وإليها يعود كل شيء.

وما نقوله عن وحدة الصور الكونية، نقوله أيضا عن صور الحياة وصورة الأحياء، فالوحدة في الصورة هي النهاية لكل تصوير.

فكل الصور الجزئية تعتمد على نظام العلاقات مع المعنى والسياق، والصور المجاورة، وهي لبنة في بناء كبير، ينطبق عليها ما ينطبق عليه من قواعد وأنظمة وعلاقات.

فالصورة لوحدها لبنة، لها قواعدها وعلاقاتها الداخلية، ولكنها تعمل لأداء وظيفة، ومن هنا ترتبط بغيرها ضمن نظام العلاقات بين لبنات البناء الواحد، وهذا يحقق في النهاية، وحدة التصميم في الصورة بناء ووظيفة.

ووظيفة الصورة القرآنية دينية في الأساس، ترجع إليها كل الوظائف.

وهذه الوظيفة الدينية تظهر في الصور الجزئية أولا، ولكن المعنى الديني في الصورة الجزئية ينمو ويكبر ويتسع بنمو الصور ضمن نظام العلاقات، حتى تتكوّن الرؤية الإسلامية المتكاملة. فمثلا صورة الإنفاق تحقق غرضا دينيا في الحث على الإنفاق ومضاعفة أجره، ولكن هذه الوظيفة الدينية للصورة الجزئية مرتبطة بغيرها من الصور، ضمن نظام العلاقات بين وظائف الصور لتكوين وظيفة دينية كلية، تصلح أساسا لفهم الحياة والكون والإنسان، أو تصلح أن تكون قاعدة لكل الصور تنطلق منها لأداء الوظيفة الدينية في النهاية.

وهذا يدل على وحدة الصورة الفنية وشمولها، وتكاملها، كما يدل على شمولية الوظائف وتكاملها. فهي ليست وظائف مبعثرة، كل وظيفة تعمل في اتجاه، وتؤثر في الجانب الآخر وإنّما الوظائف تسير ضمن هندسة بديعة، فيها العلاقات والروابط لتقوم بدورها في إبراز وحدة التصميم في التصوير الفني في القرآن.

وبذلك تكون وحدة التصميم في التصوير القرآني، متناسقة مع وحدة التصميم في الكون والإنسان والحياة.

<<  <   >  >>