وهكذا ظلّت الصورة القرآنية، تفهم كأجزاء متباعدة، في إطار جزئي محدد، حدّده البلاغيون والنقاد قديما مما أثر في مفهوم وظيفة الصورة أيضا. في القرآن الكريم. فكان لا بدّ من توسيع مفهومها، لتتسع للقيام بوظيفتها الدينية.
لهذا بيّنت مقومات الصورة القرآنية. ووضحت ما في الصورة القرآنية من خصوصية وتميّز عن بقية الصور الأخرى، فالصورة القرآنية تقوم على التصور الإسلامي، فهذا هو المكوّن الأساسي لها، وهو الذي يكسبها هذه الخصوصية، والتميز، ثم إن هذا المكون الديني، يؤثر في بقية المكونات الأخرى فتغدو العاطفة المتولدة من الصورة دينية والخيال يطوف في أجواء دينية، وكذلك اللغة موظفة توظيفا جيدا لنقل المعاني الدينية، والواقع ينظر إليه من خلال هذا الفكر ويتفاعل معه وهكذا.
هذه الخصوصية الفكرية في الصورة القرآنية، توسع من دائرة أنواع الصور القرآنية لكي تستوعب هذا الفكر، فكان لا بد من التفريق بين الصورة المفردة أو البلاغية والصور السياقية الأخرى.
فالصورة الجزئية تحمل جزءا من المعنى المرتبط بالفكر، ولا تحمل الفكر كله، لهذا وجدنا أن الصورة الجزئية تتفاعل في داخل النص القرآني مع السياق والصور الأخرى لتجسيد هذا الفكر ويقوم النص القرآني كله، برسم ملامح هذا الفكر الديني، وتوضيح معالمه وسماته. من خلال اعتماده على الصور الفنية المتفاعلة في داخل السياق، لتجسيد هذا الفكر.
هذه النظرة الكلية، للنص القرآني. تجعله وحدة منسجمة متناسقة، وتجعل الصورة أيضا متلاحمة متحدة ولا تمزّقها إلى أجزاء متباعدة.
إن الصورة القرآنية تتسم بالوحدة والانسجام والتفاعل، لنقل هذا الفكر، فالصورة الجزئية، تتفاعل في داخل السياق لتكوّن صورة المشهد، ثم صورة المشهد، تتفاعل وتتوصل مع الصور الأخرى لتكوين صورة اللوحة، وهكذا تتفاعل الصور في السياق، لتكوين الصورة الكلية في السورة الواحدة. وهذه الصورة الكلية تبرز قضية فكرية دينية تعالجها السورة الواحدة. لها معالمها الواضحة، واتجاهها المتميز.
ثم إن هذه الصورة الكلية، مرتبطة بالصورة المركزية التي هي مصدر الصور وإليها تعود