ولما كانت وظيفة الرسل حمل الهداية الإلهية إلى البشرية فقد أنزل الله عليهم هديه ووحيه، ليستنقذ به البشرية من ضلالها وتيهها {كان الناس أمةً واحدةً فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه}(البقرة: ٢١٣).
وهذه الكتب الإلهية تحمل رسالة الله إلى الإنسان، وتبعاً لذلك فهي تتصف بصفات منزلها، فهي الهدى والنور، وقد وصف الله توراته التي أنزلها على موسى بقوله:{إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور}(المائدة: ٤٤)، ومثله قال في وصف الإنجيل الذي أنزله على عيسى عليه السلام:{وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظةً للمتقين}(المائدة: ٤٦)، وهكذا فالهدى والنور صفة لازمة لكل وحي يوحيه الله إلى نبي من أنبيائه.
والمسلم يؤمن بكل وحي لله امتثالاً لأمر الله وتصديقاً لكلامه:{يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً}(النساء: ١٣٦)، فالكفر بأحد كتب الله هو كفر بها جميعاً.
ويأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين به، فيقول:{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون}(البقرة: ١٣٦). (وانظر آل عمران: ٨٤).
وقد أمر الله جل وعلا الأمم السابقة بحفظ ما أنزل الله إليهم من كتاب، كما قال سبحانه:{إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء}(المائدة: ٤٤)، فأضاعها الأولون، ولم يكونوا أمناء عليها، فصارت نهبة للتحريف والتبديل، فتعرضت للزيادة، حين أضيف إليها ما لم ينزله الله {وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من