للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن، فكانت تؤم أهل دارها. (١)

وقد نقل القرآن الكريم بحفظ الجموع عن الجموع في كل عصر، وكان القرآن كما وصفه الله لرسوله، حين قال له في الحديث القدسي الذي يرويه النبي عن ربه تبارك وتعالى: ((ومنزل عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرؤه نائماً ويقظان)). (٢)

يقول ابن الجزري: "الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على حفظ المصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة .. فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرؤه في كل حال، كما جاء في صفة أمته: ((أناجيلهم في صدورهم)) ". (٣)

وحتى نقف على كثرة هؤلاء القراء من الصحابة يكفينا أن نذكر أنه قد قتل منهم في يوم بئر معونة سبعون، يقول أنس: (جاء ناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث معنا رجالاً يعلمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار يقال لهم القراء، يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل يتعلمون .. فبعثهم النبي إليهم، فعرضوا لهم، فقتلوهم). (٤)

وبعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل في وقعة اليمامة الكثير من القراء، حتى خشي عمر من ضياع شيء من القرآن، فقال لخليفة المسلمين أبي بكر: (إن القتل قد استحر [أي كثُر] يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن). (٥) فكان هذا سبباً في مبادرة الصحابة إلى جمع القرآن في مصحف واحد مكتوب في عهد الخليفة أبي بكر الصديق.


(١) أخرجه أبو داود ح (٥٩١)، وأحمد ح (٢٦٧٣٩).
(٢) أخرجه مسلم ح (٢٨٦٥).
(٣) النشر: (١/ ٦)، والحديث أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ح (٩٩٠٣)، والبيهقي في دلائل النبوة ح (٣٤٣).
(٤) أخرجه مسلم ح (٦٧٧).
(٥) أخرجه البخاري ح (٤٩٨٦).

<<  <   >  >>