للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم، ثم تلا هذه الآية: {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً} (الإنسان: ٨).

يقول أبو عزيز بن عمير: كنت في الأسارى يوم بدر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالأسارى خيراً))، وكنت في نفر من الأنصار، وكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني الخبز، بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم. (١)

وإذا كان الإسلام دين رحمة، فمن أين أتى القول الذي تروج له بعض الدوائر التي دأبت على وصف الإسلام بالإرهاب والقسوة؛ متذرعة بما جاء في القرآن العظيم من نصوص تأمر المسلمين بإعداد العدة والتأهب لصد العدوان، بل والقتال والتضحية بالنفس ذوداً عن الدين والوطن والنفس والإنسان.

إن رحمة الإسلام ليست استكانة ولا خنوعاً للباطل على الضيم، ليست استخذاء أو مهانة، بل هي رحمة القوي القادر على حماية حقه من العدوان.

حقاً لقد أمر القرآن بالقتال، لكن شتان بين القتل والقتال، بين الإرهاب والجهاد، فالإرهاب هو استهداف الضعيف العاجز أو البريء الذي لا حول له ولا طول بالقتل والترويع، فقتل الأبرياء إرهاب دنيء وإفساد في الارض، وهو - في الإسلام - من أعظم الجرائم وأنكرِها.

لقد استبشع القرآن إرهاب فرعون واعتداءه على الأطفال والمستضعفين من اليهود، واعتبره من المفسدين في الأرض العاتين فيها: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفةً منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين} (القصص: ٤).

ونقل القرآن أيضاً بغض الله للمفسدين: {ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين} (القصص: ٧٧)، وحكى عن حال أهل البغي والفساد محذراً من


(١) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ح (١٨٤١٠)، قال الهيثمي: "إسناده حسن" مجمع الزوائد (٦/ ٨٦).

<<  <   >  >>