للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صنيعهم مستنكراً فعالهم: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} (البقرة: ٢٠٥).

إن قتل نفس بريئة واحدة إفساد في الأرض، وهو أمر جلل مستبشع، كيف لا وهو مشبه بالاعتداء على جميع الجنس البشري {من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} (المائدة: ٣٢).

وقد حرم الله قتل النفس إلا بحق - كقصاص ونحوه - في آيات كثيرة من القرآن، منها قوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} (الأنعام: ١٥١، الإسراء: ٣٣)، ووصف عباده المؤمنين بأنهم: {لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق} (الفرقان: ٦٨).

ومن وقع في قتل نفس بلا حق؛ فقد أدخل الخلل على دينه، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دماً حراماً)) (١)؛ وكما يقول الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم الحرام بغير حله). (٢)

وحرمة النفس لا تختص بالمسلم دون غيره، بل تشمل كل نفس من غير أهل الحرب والعدوان، وهذا بيّن لمن تأمل وعيد النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن اجترأ على دم محرم من غير المسلمين؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم - متوعداً من يفعل ذلك من المسلمين: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً)). (٣) فهؤلاء المسالمون من غير المسلمين لهم عهد وذمة الله ورسوله، والوعيد النبوي شديد لمن أخفر هذه الذمة


(١) أخرجه البخاري ح (٦٨٦٢).
(٢) أخرجه البخاري ح (٦٨٦٣).
(٣) أخرجه البخاري ح (٣١٦٦).

<<  <   >  >>