المرحلة الرابعة -من مراحل دراسة الأسانيد-: الحكم على الإسناد المُفرد دون المجموع. فأنظر في كل إسناد منفرد عن بقية طرق الحديث، وأحكم على الإسناد بحسب ما يستحقه على الإنفراد، وهذا الحكم لن تكون له قيمة كبيرة إلا في الأخير، وذلك لأُميّز الإسناد الذي يقوي ويتقوى، أو لا يستطيع ذلك، كالإسناد الشديد الضعف.
تنبيه: الأقلُّ في هذا العلم يقضي على الأكثر -قاعدة مطردة-، فالإسناد الذي كل رواته ثقات إلا راوٍ واحد ضعيف، فحكم هذا الإسناد ضعيف، والإسناد الذي كل رواته أئمةٌ حفاظ كبار إلا راوٍ واحد دجّال، فحكمه شديد الضعف، فتنظر في أقل راوي في هذا الإسناد، فتحكم عليه باعتبار درجة هذا الراوي.
ويُنتبه إلى خطورة الاكتفاء بهذا الحكم المُفرد على الأسانيد، فلا يُظنّ أن العمل قد انتهى، بل لا بد من مراعاة المراحل الآتية، التي هي في غاية الأهمية، ويغفل عنها كثيرٌ من طلبة العلم.
[المرحلة الخامسة: النظر في اختلاف الطرق -إن وجدت-]
فأنظر هل الاختلاف في هذه الرواية من ناحية المتن أو الإسناد؟ كأن يُبدل راوٍ براوٍ آخر، أو يروى الحديثُ مرّة متصلاً وأخرى مرسلاً، ومرة مرفوعاً وأخرى موقوفاً، أو اختلافات في المتن من نقص أو زيادة أو تقديم أو تأخير يؤثر في المعنى مطلقاً.
فإن لم يوجد اختلاف لا في الإسناد ولا في المتن، عندها يُنظر هل حُكِّمَ على هذا الحديث بالتفرّد؟ ، فإن لم يحكم عليه بالتفرد، فعندها من الممكن أن أحكم حكماً مبدئياً على هذا الإسناد بما يستحقه من صحة أو ضعف، فإن ظهر لي أن الحديث تفرّد به الراوي، والتفرد يظهر بأحد أمرين:
١- إما بالنصّ من أحد الأئمة المُطلعين الحُفاظ، كأن يقول: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فلان، أو هذا حديث فرْدٌ، أو لا أعرفه إلا من هذا الوجه، وغيرها مما يدل على التفرّد والغرابة.
٢- قد أحكم بالتفرد دون وجود هذا النصّ، وذلك حين اجتماع أمرين: