ولمعرفة المولد والوفاة فوائد من أهمها: التثبت من عدم وجود سقط ظاهر في الإسناد، والسقط قد يكون قديماً، أي أن حقيقة الرواية منقطعة من الأساس، ولا توجد في المصنفات إلا منقطعة ولا تُعرف إلا بذلك السقط، وقد يكون السقط حديثاً أي مطبعياً أو أثناء نسخ المخطوطة سقط من الناسخ، فالنظر في المواليد والوفيات للرواة يقينا من أن يخفى علينا سقطٌ وقع في إسناد أحد الأحاديث؛ لأن السقط الظاهر الجلي في الإسناد يُدرك ويُعلم من خلال عدم إدراك الراوي لمن روى عنه في الزمن وعدم معاصرته له، ولذلك اعتنى العلماء بتقييد سنوات الوفيات والولادة، لكن للأسف الشديد أنه لم يعتن علماء القرن الأول والثاني والثالث بالتأليف في هذا الباب مع عنايتهم بالعلم بقضاياه، وكانوا يعتمدون في نقل هذه القضايا على الرواية الشفهية، فلما تطاول الزمن اعتنى العلماء في القرن الرابع الهجري بتقييد تواريخ الوفيات والمواليد، ومن أجل ذلك تجد أن العلماء اختلفوا كثيراً في تواريخ وفيات الصحابة، ومن باب أولى في سنوات ولادتهم بخلاف القرن الرابع والخامس فلا يكاد يُختلف في تعيين وفيات وولادة علمائها، فكلما تقدم الزمن كان الخلاف في التواريخ أكثر، وكلما تأخر الزمن عن القرن الأول كلما قلّ الخلاف وانضبطت تواريخ الولادة والوفاة.