٢. أو برواية ثقة واحد، بشرط أن يكون من العلماء النُقّاد، فلو روى ناقدٌ عن أحد الرواة -الذين لا نعرف فيهم جرحاً ولا تعديلاً- فقد عُرفت عدالته الظاهرة.
ويعرف العلماء الضبط من خلال أمور:
١. النظر في روايات الراوي التي شارك فيها الرواة الآخرين الثقات، فإن وافقهم ولم يخالفهم في زيادة أو نقص أو تغيير، فهذا دليل ضبطه، وإن كان الغالب فيه عدم الموافقة وكثرة المخالفة، فهذا يدل على عدم ضبطه، وعلى حسب نسبة المخالفة يُعرف مقدار الضبط عند هذا الراوي.
٢. أن لا يكثر التفرد، أمّا إن كان غالب أحاديثه مفاريد لا يشاركه فيها أحد في أصل الرواية، فهذا دليل على أنه ليس بصحيح الرواية، بل قد يُتهم بالكذب بكثرة تفرده، وعدم رواية غيره لها.
٣. أن لا يتفرد بالمناكير، فقد لا يكون كثير التفرد، لكنه يتفرد فقط بالمناكير، وإن كانت معدودة. والنكارة قد تكون ظاهرة لا تخفى على أيّ طالب علم، كما يعبر عنها ابن حبان فيقول: هذا حديث لا يخفى على من ليس الحديث صناعته أنه ليس بصحيح، ومثل ما قيل لشعبة:" كيف تعرف أن الحديث كذب؟ قال: إذا كان في الحديث أنك لا تأكل القَرْعة حتى تذبحها، فهو كذب". لكن قد تخفى النكارة فلا يعرفها إلا المتمرس من الحفاظ الكبار، الذين يلهمهم الله -جل وعلا- اكتشاف ومعرفة الأحاديث التي يمكن أن تنسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأحاديث التي لا يمكن أن تنسب إليه -صلى الله عليه وسلم-.
٤. ملاحظة طبقة الراوي، ومقدار تفرده: فكلما تأخرت طبقة الراوي لا نقبل منه التفرد، فالتفرد في طبقة التابعين أسهل وممكن من طبقة أتباع التابعين، وفي هذه الطبقة أشد من التي قبلها، وإمكانية التفرد فيها أكبر من طبقة أتباع أتباع التابعين، أما طبقة أتباع أتباع أتباع التابعين فلا يكاد يُقبل تفرد أحد فيها، بل ولا يُتصور حديث صحيح يرويه ثقة لا يجد مَنْ ينقله عبر هذه السنين إلا واحد، فهذا أدعى لردّ تفرده، وتضعيف حديثه.
وبالنسبة للتفرّد تُلاحظ في الحكم على حديث الراوي المقبول (في أي درجة من درجات القبول) إذا تفرد بحديث أموراً أربعة: