وهذا يفعله من كان قليل المعرفة جداً بعلم الحديث أو عنده ورعٌ زائد في حكمه على الأسانيد، كما فعل الشيخ محمود شاكر في تخريجه في (تهذيب الآثار) للطبري، فهو يترجم لرواة الإسناد ترجمةً كاملة، ولو أراد أن يحكم على الإسناد لفَعَلَ، لكنه لا يحكم؛ لأنه يقول:"أنه ليس من أهل هذا الفن"، لكنه يعزو الحديث إلى مصادره، وفي هذا حكمٌ على المتن، فلو قال: أخرجه البخاري، فإنه يحكم على المتن بأنه صحيح، أما إسناد الطبري فلا يحكم عليه.فهذه الحالة يمكن أن يلجأ إليها الطالب الذي يريد أن يخلي نفسه من المسؤولية تماماً، فيترجم لرواة الإسناد، ويعزو الحديث إلى المُخرّج، فإن المُخرِّجَ قد حكم على الحديث، أو إخراجه له يقتضي حكماً يكتفى به، فيقول: أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، أو أخرجه ابن عدي وقال: ضعيف لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وهكذا.
( ... غالباً) : لاشك أن غالب كتب التخريج تعتني بالحكم على الحديث؛ لأنه الثمرة الأخيرة من العزو ودراسة الإسناد. لكن قد يقوم المخرّج بتخريج الحديث ولا يحكم عليه بحكمٍ ما، وهذا يحصل حتى في كتب التخريج المشهورة مثل (التلخيص الحبير) ، و (نصب الراية) ، ويكثر عند ابن كثير في كتابه (تحفة الطالب في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب) ، و (تخريج أحاديث الشفا) للسيوطي، فهؤلاء يكتفون بالعزو فقط ولا يحكمون على الحديث غالباً.
وعليه يتضح من ذلك أن الحكم على الحديث ليس شرطاً في التخريج، لكن غالب كتب التخريج تتضمن الحكم على الحديث.
وقد يلجأ الباحث إلى عدم الحكم لعدم جزمه بحكمٍ على الحديث، فقد يدرس الإسناد ويتوقف في الحكم؛ لأن عِلمه قاده إلى التوقف في الحكم على الحديث.