الأولى: استخراج الحديث بطرق التخريج المذكورة آنفاً، بحيث تجمع كل طرق الحديث التي وقفت عليها من جميع مصادر السنّة التي استطعت أن تطلع عليها، وتقف على الحديث فيها.
الثانية: الاستعراض الكامل لهذه الطرق لملاحظة نقاط الاتفاق بين الرواة ونقاط الاختلاف بينهم، ويندر أن تجد حديثاً إلا وفيه اختلاف في المتن -في اللفظ-، أو في الإسناد، أو فيهما معاً، خاصة في الأحاديث التي
كثرت مصادرها، وتعددت أسانيدها، فينبغي استحضار نقاط الاتفاق والاختلاف في ذهنك أو في ورقة؛ لأن دراستك للأسانيد لابد أن تكون بناءاً على هذه النقاط، فإذا لم يمكن استحضار الاتفاقات والاختلافات في ذهنك، فيمكن عمل مُشجّرة للأسانيد؛ لتوضيح نقاط الاتفاق والاختلاف، أو أن تقوم بعرض هذه النقاط بصورة مبسطة كما هو صنيع الدارقطني في العلل، فتُبين الصحابي الذي روى الحديث ثم من رواه عنه، وهل وقع اختلاف بين الرواة عنه، فإن لم يقع فتنظر في الرواة عن التابعين هل وقع بينهم اختلاف، وهكذا..، فتبين وجوه الاتفاق والاختلاف، وكل وجه مَنْ رواه، هل هم عددٌ أم واحد، فيمكن ذلك عن طريق مُشجّرة أو عرضها باختصار، ثم يتبين لك بعد ذلك ماهي الأسانيد التي ينبغي تحريرها أكثر من غيرها.
الثالثة: الترجمة للرواة، وهي مرحلة مهمة، وتعتبر عثرة من العثرات التي تواجه الباحث، فلطولها ينبغي تقسيمها إلى خطوات:
١) تعيين الرواة: أي معرفة أعيانهم، حتى تقف على ترجمته ومرتبته بدقة، وبماذا يستحق أن يوصف. فإذا أخطأت في تعيين الراوي فسوف يكون الحكم على الحديث مخالفاً للواقع، فالخطأ في هذه المرحلة ينبني عليه الخطأ في الحكم على الحديث بكامله، فلذا ينبغي أن يُعتنى بهذه المرحلة عناية كبيرة جداً؛ لأن الخطأ في عين الراوي في الإسناد يُورث الخطأ في الحكم على الحديث إلا إذا أبدلت راوٍ ثقة بثقة آخر، أو ضعيف بضعيف فلا يختلف الحكم، ولكن قد يحصل العكس، من إبدال راوٍ ثقة بضعيف، أو ضعيف بثقة، ومن ثمَّ ينتج الخطأ.