أما الخطأ الطارئ وهو في الرواة المختلطين، فهناك كتب تخدم الباحث عن الرواة المختلطين، مثل كتاب (الكواكب النيّرات فيما اختلط من الرواة الثقات) لابن كيّال، وكتاب (المختلطين) للعلائي، وكتاب (الاغتباط فيمن رُمي من الرواة بالاختلاط) لسبط ابن العجمي، وأجلُّ هذه الكتب هما الكتابان الأوّلان، خاصة أن كتاب (الكواكب النيّرات) قد ملأه محققه بالتعليقات المفيدة في هذا الباب، كذلك كتاب (المختلطين) خَدَمَهُ محققه خدمة جليلة.
*حكم الراوي المختلط: إذا لم يُميّز فحديثه مردود. والمقصود بالتمييز: أي تمييز من سمع منه قبل الاختلاط ممن سمع منه بعد الاختلاط.
أما إذا تميّز، فمن سمع منه قبل الاختلاط فحديثه مقبول، ومن سمع منه بعد الاختلاط فحديثه مردود، إلا إذا توافق مع راوٍ سمع منه قبل الاختلاط، فلا يُتصور أن الراوي المختلط يُخطئ في جميع أحاديثه، فقد يكون هناك أحاديث يرويها على الصواب.
تنبيه: بعض العلماء قد يُغاير بين معنى التغيّر والاختلاط؛ لأنه بلا شك أن كل الرواة إذا كبر سنهم لا بد وأن يختل حفظهم، وهذا من طبيعة البشر، لكن من الرواة من يختل حفظهم إلى درجة أن يكثر هذا الاختلال فيكون مختلطاً، ومنهم من يحصل له الاختلال لكنه لا يزال متماسكاً، فكأنه نزل من تام الضبط إلى خفيف الضبط، فينزل حديثه من الصحة إلى الحسن، ومنهم من لا يختل إلا بدرجة يسيرة جداً، لا تؤثر في إنزاله عن مرتبة تمام الضبط. وقد يُنبه العلماء أحياناً على هذا الأمر، كما قال الذهبي في ترجمة أبي إسحاق السبيعي:(تغيّر تغيُرَ السن، ولم يختلط) ، فبيّن أن اختلاطه يسير؛ لكبر السن، وليس اختلاطاً فاحشاً.