للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا طالب العلم! ما المانع إذا لقيت أخاك سلمتَ عليه وسألته عن حاله حتى لو لم تعرفه، تتواضع لله، وتأخذ بيديه وتقول له: كيف حالك؟ وما أخبار المسلمين في بلادك؟ تسأله عن همومه، عن أشجانه، عن أحزانه، فلعلك أن تفيده برأيك، ولعلك أن تنير طريقه باقتراحك، ولعلك أن تجد فيه خصلة توجب لك حبه، ولعلك أن تجد فيه كربة تفرجها عنه، فيفرج الله عنك كرب الدنيا والآخرة.

خامسها: الذي ينبغي التنبيه عليه أن يحفظ طالب العلم عورات إخوانه، سيما طلاب العلم، أما كوننا يجلس بعضنا مع بعض فنذكر أخاً بسوء أو قد يصل الأمر إلى التهمة في العقيدة أو التهمة في السلوك أو التصرف، فهذا أمر –والله- من الخطورة بمكان، فلعل الرجل يكون على أصلح ما يكون، تخرج منه الكلمة يؤذي بها المسلم يوجب الله عز وجل له بها غضبه، قالوا: يا رسول الله! هي تصوم وتصلي، غير أنها تؤذي جارتها، قال: (هي في النار) (١) [٤٧] ) .

فاتقِ الله في لسانك، ما تغرّب طالب العلم ليتتبع عورات إخوانه، ما تغرّب طالب العلم لكي يشتغل بعيوب إخوانه، ما تغرب لكي يهوي به الشيطان إلى مكان سحيق، إلى رذائل الأفعال ورذائل الأقوال، ينبغي أن يترفع طالب العلم عن هذا، ولذلك قال الإمام ابن القيم رحمه الله كلمةً عجيبة في كتابه الفوائد، يقول رحمه الله: (أخسر الناس صفقة من اشتغل بنفسه عن الله، وأخسر منه صفقة من اشتغل بالناس عن نفسه) (٢) [٤٨] ) .


(١) ٤٧] ) رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم، وصححه. والبزار وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه العراقي في تخريج الإحياء –رحمة الله على الجميع-، وهو في السلسلة الصحيحة (جـ١، رقم ١٩٠) .
(٢) ٤٨] ) روى الإمام ابن عبد البر رحمه الله في الجامع مثلها عن مالك رقم (١٦٩٨) ، (ص:٩٠٦) ، ط. الزهيري.

<<  <   >  >>