للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخسر الناس صفقة من اشتغل بنفسه عن الله، فجعل يعتني بمأكله ومشربه ومنظره، وأهدر ما بينه وبين الله عز وجل، وأخسر منه صفقة من اشتغل بالناس عن نفسه. فاتقِ الله يا طالب العلم، اتقِ الله في إخوانك، فإن الله عز وجل يقول: ((إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)) [النور:١٥] ، لما تنقل الكلمة تقول: فلان من طلاب العلم يقولون فيه كذا وكذا، فقد غلت عنقك بين يدي الله، يَفُكُّكَ صدقك أو يغلّك لسانك.

إن نقل الشائعة تؤدي بك إلى كارثة قد توجب لك اللعنة، إن الله قد لعن من قذف المُحْصَنة، والمُحْصَنة قذفها في العِرض، فكيف تقذف مسلماً في عقيدته؟ كيف تقذف عالماً في عقيدته؟ في منهجه؟ في فكره؟ بمجرد ما تقول: فيه كذا وفيه كذا، هذه شهادة، والله عز وجل يقول: ((سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)) [الزخرف:١٩] ، ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) [ق:١٨] .

عليك نفسك فاشتغل بمعايبها ... ... ودع عيوب الناس للناس

والله، لو أن طالب العلم كان صادقاً في معاملته مع الله عز وجل لكانت عيوبه تبكيه، وتشغله عن القول والتكلم في عيوب الناس، وكان العلماء –رحمهم الله- إذا ذكر عندهم أحد بسوء، قرعوا من ذكره وأدّبوه وكهروه، ولربما في الله عز وجل عادوه.

<<  <   >  >>