للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنني بهذه المناسبة والله، لأهنئ طلاب العلم بالجامعة الإسلامية إذ سافروا عن بلادهم، وتغربوا عن أوطانهم، هنيئاً لهم (١) [٦٢] ) ، إذ أقبلوا لها من كل حدَب وصوب، يرجون رحمة الله، ويرجون ما عند الله، نحسبهم ولا نزكيهم على الله أنهم جددوا مآثر الصحابة، فذكّر مقدمُهم المدينة بالوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفارق بين الطائفتين، ومراعاة الفضل بين الفريقين، لذلك أحبتي في الله، فلا بد من الرحلة، ولا بد من السفر، ولا بد من الغربة، ولا بد أن تتعذب قبل أن تنال العلم، حتى يمحص الله إيمانك، ويظهر الله عز وجل فضلك وصلاحك وبرّك، يقولون: لا ينال العلم إلا بالجهاد، والله تعالى ذكر آية الرحلة - ((فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)) [التوبة:١٢٢]- في طلب العلم في سورة الجهاد، فختم بها سورة التوبة، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل جعل الله الرحلة في طلب العلم، والجهاد في طلب العلم، سنة الأنبياء وسنة الصالحين.

هذا نبي الله موسى –عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- أخبره الله تعالى أن بمجمع البحرين من هو أعلم منه، عبداً علّمه الله من لدنه علماً- وهو الخضر عليه السلام-، فما إن بلغ الخبر إلى موسى، حتى قال: ((لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا)) [الكهف:٦٠] .

يقول بعض العلماء: لا أبرح: أي لا أنتظر ولا أجلس، ولا يقر لي قرار حتى أرى هذا العالم.


(١) ٦٢] ) من محاضرة حلية طالب العلم، ألقيت في قاعة المحاضرات بالجامعة الإسلامية بالمدينة، بتاريخ (٦/١١/١٤١٢هـ) .

<<  <   >  >>