للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نبي يقول الله له: ((وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)) [طه:٣٩] ، كلمه الله تكليماً، وقرّبه نجياً، فخرج -صلوات الله وسلامه عليه- في رحلته الذي أبقاها الله إلى يوم الدين قصة وعبرة في كتابه المبين، والعجيب في القصة أنه كان بالإمكان أن يبين لنا حاله مع الخضر، دون ذكر تعبه في السفر، ودون ذكر مشقته في السفر.

يقول بعض العلماء: حتى يعلم طلاب العلم، ويعلم العلماء أنه لا بد في العلم من التعب والنصب، ولذلك مشى يوماً كاملاً من أجل أن يبلغ هذا العالم، حتى ضني في مشيه، ثم قال لفتاه يوشع بن نون: ((آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)) [الكهف:٦٢] ، فأخبره ذلك الغلام أنه قد نسي الحوت، تصوّر! يوماً كاملاً يمشي فيه حتى نسي طعامه وشرابه كله، وشاء الله أن يلقاه، فقال له: ((هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)) [الكهف:٦٦] فرحاً بلقاء ذلك العالم.

وإذا كان الطالب مشغولاً في أيام الدراسة يغتنم أيام العطل، يسافر إلى العلماء، يتغرّب، فينظر الله إليه وقد غابت عليه شمس يوم وقد أغبرّت قدماه في سبيل الله جل جلاله، متحملاً المشاق والمتاعب، متقرباً بطلب أفضل وأشرف ما يرغب فيه ويطلب.. في هذه السنة شهراً، ثم في السنة الثانية شهراً أو شهرين، فيبارك الله له في علمه.

أعرف طلاباً يتغربون بالأسابيع، يتفقون مع الشيخ على أن يأتوه أسبوعاً يقرؤون عليه متناً أو كتاباً، فيفرّغ الشيخ لهم نفسه، ويعطيهم القدر الذي يسّره الله في هذه الفترة، فيحصلون بذلك خيراً كثيراً، وطلب العلم على قدر الطاقة.

<<  <   >  >>