للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم أمانة عظيمة، ومسؤولية جليلة كريمة، تُبلَّغ بها رسالةُ الله، وتقام بها الحجة على عباد الله، فكم هَدى الله عز وجل بالعلم من الضلالات، وكم أخرج به من الظلمات، كم هَدى الله به أُمماً حارت، وكم هَدى به أمماً ضلت، كم أبكى لله عيوناً، وكم أخشع لله سبحانه وتعالى قلوباً وجفوناً.

العلم الشرعي هو نور الله، وهداية الله، ورحمة الله لهذه البشرية، هو معدنها الصافي، ومنبعها الذي لا يغيض، إنه السبيل الذي من سار فيه انتهى به إلى مرضاة الله وجنته.

امتنّ الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بالعلم، وشرّفه وكرّمه به، فكان به إمامهم وقدوتهم وهاديهم، صلوات الله وسلامه عليه.. وصدق الله إذ يقول: ((وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)) [النساء:١١٣] .

قال بعض العلماء: كان فضل الله عليك عظيماً حينما علمك ما لم تكن تعلم، وحينما أنقذك من الضلال، وهداك إلى الحق.. ((مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ)) [الشورى:٥٢] ، فالله علّمه ودلّه وهداه.. جلّ سبحانه في علاه..!

العلم بصيرة؛ لأن العالم يُبصِر به الحق فيتبعه، ويُبصِر به الباطل فيجتنبه. قال تعالى: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)) [يوسف:١٠٨] .

العلم بينة تنكشف بها الحقائق، ويَخْرسُ عند دلائلها كل متكلم وناطق. قال تعالى: ((قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي)) [الأنعام:٥٧] .

العلم.. وما أدراك ما العلم.

شرّف الله به من شاء واصطفى من عباده، فشهد لمن حباه إياه أنه أراد به الخير الكثير، ((يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا)) [البقرة:٢٦٩] .

وكثير من الله ليست بالهينة، فمن تعلم انكسر قلبه لربه، ومن تعلم عرف الله بأسمائه وصفاته، وعرف حدوده فاتقاها، ومحارمه فاجتنبها، ومراضي الله جل وعلا فطلبها.

<<  <   >  >>