العلم فاتحة كل خير، وأساس كل طاعة وبر، فلا طاعة إلا بالعلم، وكلما أطاع العبدُ ربَّه على بصيرة وعِلم، كانت طاعته أرجى للقبول من الله سبحانه وتعالى..
العلم كالغيث للقلوب، يُحْيي الله به الأفئدة بعد موتها، ويوقظها بعد غفلتها، وينبهها من بعد منامها.
هذا العلم الذي عظم الله أهله، وجعلهم عنده في أعلى الدرجات، وأوجب لهم جزيل العطايا والهبات، ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)) [المجادلة:١١] .
لكن لهذا العلم رجال وأي رجال، لهذا العلم أمة فرغت أوقاتها ترجو به رحمة الله، وتطمع في عفو الله سبحانه وتعالى، لها أخلاق سمت بها إلى أعالي الفضائل، وتنزهت بها من أدران الرذائل، لهذا العلم طلابه، يعظمون شأنه، ويعرفون قدره، الذين غرس الله في قلوبهم إعظام هذا الدين، ((وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)) [الحج:٣٠] .. ((وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)) [الحج:٣٢] .
هذا العلم قيض الله رجالاً شرّفهم لحمله، واصطفاهم لتبليغه، إنهم العلماء.
فإن الله أحب من عباده العلماء، واصطفاهم واجتباهم ورثةً للأنبياء، وزادهم من الخير والبر حتى صاروا من عباده الأتقياء السعداء، وأثنى عليهم في كتابه، فشرّفهم وكرّمهم، فقال –وهو أصدق القائلين-: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)) [فاطر:٢٨] .
لذلك أحبتي في الله، هذه المسؤولية العظيمة، وهذه الأمانة الجليلة الكريمة، حملها العلماء العاملون، والثقات المعَدَّلون، حملوها فبلغوها عن الله، وأقاموا بها حجة الله على عباد الله، حملها الدعاة والفقهاء والمحدثون، والأئمة المهديون، إنهم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، بهم بعد الله يُهتدى.. وبنهجهم يُحتذى ويُقتدى..