للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلماء الكلام قد وقعوا في حيرة وتناقض واضطراب لبعدهم عن الصراط المستقيم والهدي القويم، الذي جاء به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد رجع كثير من أئمة الكلام الذين بلغوا الغاية فيه إلى مذهب السلف، وتبرؤوا من علم الكلام، وأعلنوا توبتهم منه، فهذا الرازي أحد أكابر أئمة علم الكلام يندب نفسه ويبكي عليها ويقول:

نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ ... وَغَايَةُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلَالُ

وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا ... وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ

وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا ... سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ: قِيلَ وَقَالُوا

فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ رِجَالٍ وَدَوْلَةٍ ... فَبَادُوا جَمِيعًا مُسْرِعِينَ وَزَالُوا

وَكَمْ مِنْ جِبَالٍ قَدْ عَلَتْ شُرُفَاتِهَا ... رِجَالٌ، فَزَالُوا وَالْجِبَالُ جِبَالُ (١)

قال ابن الصلاح: «أخبرني الطوغائي مرتين أنه سمع فخر الدين الرازي يقول: يا ليتني لم أشتغل بعلم الكلام وبكى».


(١) ينظر: وفيات الأعيان (٤/ ٢٥٠)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٧٣)، ودرء تعارض العقل والنقل (١/ ٨٩)، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٨/ ٩٦).

<<  <   >  >>