رابعًا: وأما قولهم: «منزل غير مخلوق»، فدليله قول الله - عز وجل -: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة:١٨٥]، وقوله تعالى:{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}[الإسراء:١٠٦].
خامسًا: وأما قولهم: «منه بدأ» , فدليله قوله تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}[النحل:١٠٢]. {قُلْ نَزَّلَهُ} أي: القرآن، {رُوحُ الْقُدُسِ} الرُّوحُ: هو جبريل - عليه السلام -، والْقُدُس: الطُّهْر، والمعنى نزله الروحُ المطَهَّرُ، فهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته وقوله:{مِنْ رَبِّكَ}(مِنْ) هنا لابتداء الغاية، فيكون المعنى أن ابتداء تنزيل القرآن من عند الله - سبحانه وتعالى -.
سادسًا: وقولهم: «وإليه يعود»، أي: أن القرآن يرجعُ إلى اللهِ تعالى؛ لأنه يرفع في آخر الزمان فلا يبقى منهُ شيءٌ في الصدور ولا في المصاحف، وذلك من علامات الساعة، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُبْعَثَ رِيحٌ حَمْرَاءُ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ، فَيَكْفِتُ اللهُ بِهَا كُلَّ نَفْسٍ تُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَمَا يُنْكِرُهَا النَّاسُ مِنْ قِلَّةِ مَنْ يَمُوتُ فِيهَا: مَاتَ شَيْخٌ فِي بَنِي فُلَانٍ، وَمَاتَتْ عَجُوزٌ فِي بَنِي فُلَانٍ، وَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ الله، فَيُرْفَعُ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَا
(١) أخرجه الترمذي (٥/ ١٧٥) رقم (٢٩١٠). وقال الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (٣٣٢٧): «إسناده جيد».