للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل السنة وسط في محبة النبي صلى الله عليه وسلم بين الغالين فيه والجافين عنه، فهم يحبونه صلى الله عليه وسلم ويعتقدون أنه خير البشر وسيد المرسلين وخاتم النبيين، ويرون أن أكمل المؤمنين إيمانًا أكثرهم له محبة واتباعًا.

وهم مع ذلك يعتقدون أنه بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًّا لأنه بشر، بخلاف الذين غلوا فيه فرفعوه فوق منزلته واعتقدوا أنه يجيب دعاء من دعاه، فصرفوا له العبادة من دون الله، وبذلك خالفوا ما جاء فيه من نصوص الوحيين، كحال غلاة الصوفية الذين يقول قائلهم في شأن النبي صلى الله عليه وسلم:

يا أكرمَ الخلقِ ما لي من أَلوذُ به ... سواكَ عند حلولِ الحادثِ العَمَم

إن لم تكن آخذًا يوم المعاد يدي ... فضلًا وإلا فقل يا زلة القدم ... بيدي

فإن من جودك الدنيا وضرَّتَها ... ومن علومك علم اللوح والقلم

قال ابن رجب رحمه الله: «إنه لم يترك لله شيئًا ما دامت الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم» (١).

إلى غير ذلك من الغلو الذي يخرج صاحبه من دائرة الإسلام، نسأل الله السلامة والعافية، وأهل السُّنة أيضًا ليسوا جفاة في حقه كالذين أعرضوا عن شرعه ولم يعملوا بما جاء به، أو الذين ادعوا أن شريعته قد نسخت بشريعة


(١) ذكره الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى له ٩/ ٥٧، ولم أجده في غيره.

<<  <   >  >>