للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على زعم ذلك القائل؟ ونعوذ بالله من حبٍّ للمذهب يؤدِّي إلى مثل هذا.

على أنَّ مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنَّ الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف الأسبق منها، ذكروه في أصولهم (١).

فإن قيل: إنَّ عموم الحديث مخصوص اتفاقًا، فإنَّ الأبكم ومن لا يُحسِن الفاتحة تصحُّ صلاتهما بدونها، وجمهور العلماء يقولون: إنَّ من أدرك الإمام راكعًا تصحُّ ركعته مع أنه لم يقرأ. وقال الشافعية: إنَّ ذلك قد يتفق في الصلاة كلها، وتصوير ذلك موجود في كتبهم.

وكثير من العلماء أو أكثرهم يقولون: لا قراءة على المأموم في جهرية الإمام. وطائفة منهم قالوا: لا قراءة على المأموم مطلقًا. ودلالة العموم المخصوص على بقية أفراده ضعيفة [ص ٢٢] حتى ردَّها بعض النظَّار.

قلت: أما دعوى أنَّ المأموم لا قراءة عليه مطلقًا أو في ما جهر به الإمام فلا نسلِّمه، وسيأتي بيان هذه المسألة، إن شاء الله تعالى.

وأما المسبوق فقد اختار الإمام البخاري رحمه الله تعالى، ونقله عن بعض الصحابة: أنه لا يدرك الركعة. وهو قول جماعة من أصحابنا الشافعية، وبه أعمل (٢).

ومع ذلك فالقائلون بسقوط القراءة عن المأموم مطلقًا أو في ما جهر به الإمام يرون أنَّ قراءة الإمام الفاتحةَ أجزأتْ عن ذلك المأموم، وعلى هذا فيصدق على صلاة هذا المأموم أنه قرأ فيها بفاتحة الكتاب؛ فلا يكون هذا


(١) نصَّ عليه ابن الهمام في "التحرير". انظر "تيسير التحرير" لأمير بادشاه (٢/ ٥٧).
(٢) للمؤلف رسالة في هذا الباب نُشِرت ضمن هذه المجموعة (١/ ١٠١ - ١٣٣).

<<  <   >  >>