للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال: لا، بل أقول: إنَّ قوله: "باطلة" دليل على أنه استعمل لفظ "صلاة" مجازًا في الصورة الخارجة، بقرينة قوله: "باطلة".

قلت: فكذلك تقول في الحديث، بقرينة قوله: "فهي خداج"، وقد مرَّ معناه، وأنه في قوَّة قوله: "فهي باطلة"، والله أعلم.

[ص ٢٤] ثم رأيت الطحاوي (١) احتجَّ على أنَّ قوله: "خداج" لا يدلُّ على البطلان؛ بما روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: "الصلاة مثنى مثنى؛ تَشَهَّدُ في كل ركعتين، وتَخشَّعُ، وتَضرَّعُ، وتَمَسْكَنُ، وتُقْنِعُ بيديك، يقول: ترفعُهما إلى ربك، مستقبلًا ببطونهما وجهك، وتقول: يا ربِّ يا ربِّ، ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا". وفي رواية: "فهو خداج" (٢).

وهذا حديث مضطرب اضطرابًا شديدًا، قد بين الطحاوي بعض ذلك في "مشكل الآثار" (ج ٢ ص ٢٣) (٣). ومع ذلك ففي سنده عبد الله بن نافع بن العمياء؛ قال ابن المديني: مجهول، وقال البخاري: لم يصحَّ حديثه. يعني هذا الحديث.

ولو فرضنا أنَّ الحديث صحَّ، وأنَّ الأمة أجمعت على صحَّة صلاة من ترك جميع ما ذكر فيه؛ فذلك من قبيل صرف اللفظ عن ظاهره بدليل، ولا


(١) في "مشكل الآثار" (٣/ ١٢٤) ط. مؤسسة الرسالة.
(٢) أخرجه أحمد (١٧٥٢٥) والترمذي (٣٨٥) من حديث الفضل بن عباس. وأخرجه أحمد (١٧٥٢٣) وأبو داود (١٢٩٦) وابن ماجه (١٣٢٥) من حديث المطلب بن ربيعة. وفي إسنادهما عبد الله بن نافع بن العمياء، وهو مجهول. وانظر كلام الإمام البخاري عليه عند الترمذي.
(٣) (٣/ ١٢٦ وما بعدها) ط. مؤسسة الرسالة.

<<  <   >  >>