شاع أعزك الله على ألسُنِ أصحابك ممن عرف نبله وعقله، وصحَّ في الاختبار نقله، أنك جواد الوقت، الآمن من المقت، وإنك مخلي التخت، ومعيد البخت، ومأوى الضيف، في الشتاء والصيف، وأنا ما علمتَ ضيفُ الكرام حيث حللت، ونزيلُ الأجواد متى نزلت، أرحلُ عنهم والثياب تضيق بها العِيَاب، والجياد يَجْنُبُها القياد، والصُّرر، قد أشرقت منها الغرر، حرصاً على ثناء يخلّد ومعنى يولّد، ودولة تحلى بالمكارم، ومُروة يهون عليها ضرب المغارم، فَبِتُّ بجوارك ليلتين أكلت فيهما من زادي، وشربت من ماء الوادي، وجعلتُ الأرض مِهادي، وطال لأجل البراغيث سُهادي، ولقد سألني الوزير أبقاه الله عن طريقي ورفيقي وفريقي، فأجملت المُفَسَّر، وألممت من الكذب بما تيسر، وقلتُ عُلم استدعاؤك إياي، واستقدامي من مثواي، فآثر الناس بجملتهم هواي، وأما في الأياب بعد أن بوأت البيت، وأوليتَ ما أوليت، فالأمر أكبر، والخبر لا يفي به المَخْبَر، فخاطبتك أعزك الله مخاطبة من يَغار على شُهرةِ جودك، والحكم لك بالثناء قبل وجودك، فإما أن يقع الصلح على ضريبةٍ قريبة، ويرتفع عن وجه المُحَادَّةِ نقابُ الريبة، أو يكذِبَ النقل، ويكون قِرى ضيفك الماء والبقل، اللهم إلا إن كان قبولُك خاصاً بمن راق خدُّه، وحسن قدُّه، وتبللت طُرَّتُه، وأخجلت البدرَ غرته، فحظنا لديك الخيبة، ولو قصدناك من مكة وطيْبة، وموصلُه يقرر المطلب، ويخبر منك البارقَ الخُلَّب، والقصد المشاركة فيما أمر بشرائه، ومحاولة نقله بما يستحقه من كرائه وأنا أرتقب وصولَه وأنتظر حصولَه، وعلى كل حال فشكري لشكر الخلق فيك تَبَع، وإن لم يقع في جوارك ريٌّ ولا شِبَع؛ وثنائي جميل وإن لم يُقْضَ من برك تأميل، وما ألممت به إنما هو دعابة تخف على أهل النُّبْل، ومن يسلك من التظرف أوضحَ السُّبْل، والله يمنع بعدُ بلقائك، ويجلي غررَ الفضل من تلقائك. والسلام.