ولحين وصول الجواب الكريم نهضت إلى القبر المقدس ووضعته وبازائه، وقلت: يا مولاي يا كبير الملوك، وخليفة الله، وبركة بني مرين، صاحب الشهرة والذكر، في المشرق والمغرب، عبدك المنقطع إليك، المترامي بين يدي قبرك المتوسل إلى الله ثم إلى ولدك بك، ابن الخطيب، وصله من مولاه ولدك ما يليق بمقامه من رعى وجهك والتقرب إلى الله برعيك، والاشتهار في شرق الدنيا وغربها بِبِرِّك، وأنتم من أنتم من إذا صنع صنيعة كمّلها وإذا بدأ منَّةً تممها، وإذا أسدى يداً أبرزها طاهرة بيضاء غير معيبة ولا ممنونة ولا منتقصة، وأنا بعد، تحت ذيل حرمتك وظل دخيلك، حتى يتم أملي، ويخلص قصدي، وتحف نعمتك بي، ويطمئن إلى نائلك قلبي، ثم قلت للطلبة: أيها السادة بيني وبينكم تلاوة كتاب الله تعالى منذ أيام ومناسبة النحلة وأخوّة التآلف بهذا الرباط المقدس والسكنى بين أظهركم، فأَمَّنوا على دعائي بإخلاصٍ من قلوبكم. واندفعتُ في الدعاء والتوسل بما ترجو أن يتقبّله الله ولا يضيعه، وخاطب العبد مولاه شاكراً لنعمته مشيداً بصنيعته مسروراً بقبوله، وشأنه من التعلق والتطارح شأنه حتى يكمل القصد ويتم الغرض، معمور الوقت بخدمة يرفعها ودعاء يردّده والله المستعان.
[تهنئة ابن الخطيب للسلطان أبي سالم المريني بمناسبة فتح تلمسان]
وفي يوم الخميس السابع عشر من شعبان من هذا العام ورد كتاب فتح تلمسان فأصدرت إلى بابه العلي ما نصه: مولاي فتاح الأقطار والأمصار، فائدة الأزمان والأعصار، أثير هيات الله الآمنة من الاعتصار، قدرة أولي الأيدي والأبصار، ناصر الحق عند قعود الأنصار، مستصرخ الملك الغريب من وراء الأبحار، مصداق دعاء الأب المولى في الأصائل والأبكار، أبقاكم الله لا تقف إيالتكم عند حد، ولا تحصى فتوحات الله عليكم بعَدّ، ولا تفيق أعداؤكم من كد، ميسراً على مقامكم ما عسر على كل أب كريم وجد، عبدكم الذي خلص إبريز عبوديته لملك ملككم المنصور، المعترف لأدنى رحمة من رحماتكم بالعجز عن شكرها والقصور، الداعي إلى الله سبحانه أن يقصر عليكم سعادة العصور، ويذل لعز طاعتكم أنْفَ الأسد الهصور، ويبقى الملك في عقبكم وعقب عقبكم إلى يوم ينفخ في الصور.