وكثر يومئذٍ مصطف للوزراء المتنقبين ببذل النصح وإهداء الوسائل، والمتقدم على الجملة محمد بن موسى بن إبراهيم المنبز بالسبيع باكورة النازعين إليه. واضطر إلى المال فتوجه الطلب على الجملة من أذيال الدولة وبعض المياسير تناولهم الضغط وأصابتهم الجلاوز، فرشح بعضُهم وأطمع بعضٌ ولم يحصل منهم إلا على بُلالة ريثما فُصِلت الخطة وانتاشهم الله من الورطة. وتعرض إليه قومٌ من الصفاعين والأوغاد من أهل سلا ممن يأنف يهود لعنة الله على كفارها من انتسابهم إلى نحلتها وتعلقهم بأذيال ملتها كالرُّطلي اللعين الأهرت الشدْق المستكره الوخط، الوضر الأطواق، المعروف القحة والبُهْت وتلوه الحاج السالمي اللعين المعروف السَّرق والبُهْت وحنثِ اليمين، الدَّغل العقد، والمخزي الشَّيْبَة المهان السَبَلة عدو أهل القبلة، المقعد على النطْع في سبيل العقاب المرة بعد المرة لولا سابق الأجل والشفاعة، فأطمعوا في أموال تتبين وجوهُها ببلدهم كيما تجد حياتُهم السبيل إلى لدغ أرباب النعم وأولي الهيئات على عدم ذَيْن النَّمطين بهذا البلد، وظن بهم الصدق فأصبحوا بوزير أخي السلطان من قبيل بني واطاس، ووصل معهم من غير خطاب سلطاني للمشيخة، ولا حثَّ على البيعة، نادى بالبلدة المعتدّة خِطْباً فقالت نكح. وحضر أعيانها وأين الأعيان من كل حلف الخمول ضئيل الجاه شَحْتِه مُغْرىً بعضهُم بسيئة بعض، طالبهم بالمال الفاضل عن نفقات الحُبُس من شروب المياه ورياع المساجد وأموال اليتامى، فحضرت نُتافة تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع حسْب الملك الصراح أن يستقيل الله من عثرة التشوف إليها، ويستعدي مجده على من غمس يده مرة في قذرها، وأنفذ معه مقدماً على خطة سوائم السلطان الراعية بأبي طويل وهي العِمالَة التي يتقلدها أولو الكفاية والتحقق بالأمانة لدرور الفوائد من الجبن الذي يعم الدور والأسواق غريضه، والجلائب التي تكسو الأوضام لحْمانُها والأدهان التي تضيق الأوعية عن مُهالِها، وشمول النظر على من تجاوز المراعي المحدودة بهذه الأمم من الأنعام من قاطن أو ظاعن والتحكم في أولي البَهم المحظور عليهم سرح الحمى، والمغضوض عنهم الطرف بحسب الرشا، فأسند ذلك إلى بعض الأخابيث ممن لصق به قوادُه بالأندلس وتردد في أمره إلى تلمسان يعرف بالقناع، أشأم الخلق نصبة، وأحقرُهم طلعة وأظهرهم هَوَجاً ودَمامة خامل الأبوة مجهولها، معروف العهر مَثَل في النميمة والكذب، مَشْنُوء جميع الخلال، استظهر لأول حلوله بصك خَطَّتْهُ جميعَه يدُ سلطانه المتصفة بالخَصْل فجعل له إن تم الأمر فالولاية المذكورة معززة بخطة قيادة الرجْل جمعاً له بازاء بلائه، فأطلق للحين لَقْلَقَة بالنداء، وذِبْذِبَهُ بالخنا، وتعاطي عموم النظرات حتى في خطيب الصلاة، واستدعى الرُّشا وضمَّ الأخابث فأنس بهم ونافر أضدادهم من أهل الصون، فخافه المريب واستراب به البريء. وشرع في طوامير يخاطب بها سلطانه بالغاً أقصى مبالغ التحكم والدالة، فظهرت في هذه الخلال مبادئ النجح وبدا للناس سوء ما ارتكبوه من إجرارهم أرسانهم وتسويغهم مدينتهم، وكان من الأمر ما يأتي به الذكر إن شاء الله.