ومنها: إذا قال: أنت طالق من عدد الحصي أو الرمل ونحوه، فإذا أراد العلة طلقت واحدة، وإن أراد بمعنى "الباء" طلقت ثلاثا.
ومنها: إذا قال: أنت طالق بالمعصية من سفرك، إذا أراد بها "في" لم تطلق إلا بالمعصية فيه، وإن أراد "الباء" لم تطلق إلا أن يكون السفر سفر معصية.
ومنها: إذا قال: أنت طالق واحدة ومن هذه ثنتان، إن نوى من أجل هذه ثنتان، طلقت ثلاثا، وإن نوى بها "على" - أي على هذه ثنتان - فتطلق الأولى واحدة، والثانية ثنتين، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنوي زوجة لي منكِ، فالنكاح يصح لأن "من" زائدة، وكذا عند الشافعية.
وإن نزلت هذه على القاعدة، وقع الخلاف فيها، لأنه إثبات، وكذا في الطلاق والبيع ونحو ذلك، والله أعلم.
[القاعدة الواحدة والستون]
قاعدة: تأتي "الباء" مكان اللام" كقوله تعالى: (ما خلقنا السماوات والأرض ومابينهما إلا بالحق) . وتكون بمعنى"من" قال عز وجل: (عينا يشرب بها) ، وتكون بمعنى "عن"، قال عز وجل: (فسئل به خبيرا) إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق أكثر الطلاق بالسنة، فإن كان مراده ب "الباء" إجراءها على معناها، فالسنة هي التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فنطلق أكثر ماوردت به السنة، سواء كان في زمن بدعة أو سنة، وإن أراد بمعنى "اللام" فتطلق ثلاثا في طهر لم يصبها فيه. وعنه تطلق في كل طهر واحدة. فالأولى طالق أكثر العدد الذي وردت به السنة، والثاني أكثر الطلاق في زمن السنة.
ومنها:: إذا حلف لا شربت بالشربة، فإن كانت نيته ب "الباء" أجراءها على ما هي، لم يحنث إذا شرب من ثملها، وغ، كان مراده بمعنى"من" حنث إن شرب منه، وكذا إن حلف: لا أقمت بك.
ومنها: إذا حلف: لا دخلت بك، وإن كان مراده بإجراء "الباء" على مقتضاها، حنث إن دخل بها، وإن كان مراده بمعنى "عن"، فيكون معناها: لا دخلت عنك، وتجري على هذا أيضا التعاليق.
[القاعدة الثانية والستون]
قاعدة: تكون "عن" بمعنى "مِن" كقوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) . وتكون بمعنى الباء كقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) .
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا حلف: لا أرحل عنك، فإنه يدخل في هذه العبارة إدخال "عن" على ماهي، وبمعنى "من" أن منك، ومعنى "الباء" أي بك.
ويدخل في هذه القاعدة جميع التعاليق.
[القاعدة الثالثة والستون]
قاعدة: "على" تكون بمعنى "من" قال الله عز وجل: (إذا اكتالوا على الناس) ، وقال الشاعر:
متى تذكروها تعرفوها ... على إقراها علق بغيت
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا طلق امرأة، وكانت له امرأة أخرى فقال عن المرأة المطلقة: طلاقها عليك، فإن نوى تطليقها طلقت، وإن نوى "منك" لم تطلق، وإن ادعاه دين، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين.
وتنبني تعاليق كثيرة على هذه القاعدة.
[القاعدة الرابعة والستون]
قاعدة: "لام" الجر أصلها الفتح، وإنما كسرت مع الظاهر مناسبة لعملها، وتدل - مع الفتح والضمير - على الجزاء، وترد الشيء إلى أصله.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا ادعى عليه شيئا، فقال: ما له علي، فهي محتملة أن تكون "إقرار" ومحتملة أن تكون نافية، وأما من العالم بها، فينبغي أن تكون "إقرار"، فإن قال "حق" بعدها - وبضم اللام - فإن فهو إقرار، وإلا فلا.، وذكر الأسنوي أنه إن عرف العربية، فهو إقرار وإلا فلا، وقال: إن أحمد بن فارس اللغوي في تصنيفه المنقول عن فتوى ففيه العرب، أن أبا عبيد ابن حربويه من أصحابهم صرح بذلك.، وكذا إذا قال: مالي عليه ونحوه، والله أعلم.
ومنها: إذا كان له مع عبده مال، فقال له: مالي سبيل عليك، فإن أراد المال لم يعتق، ويدين فيه، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على الخلاف، وإن كان يعرف أنه يعتق بهذا، وقاله عتق، وكذا إن لم يكن عليه مال.
وكذا إذا قال لامرأته: ما لي سبيل عليك، فإن لم ينو الطلاق، ونوى المال لا يقع شيء، وإن نوى الطلاق فهي كناية خفية يقع بها ما نواه، من واحدة وثلاث ونحوهم.
القاعدة الخامسة والستون