ومنها: إذا نادى امرأته، فأجابته امرأة له أخرى، فقال: أنت طالق ففيها صور. أحدها: إجراء اللفظ على ظاهره، فهل تطلقان أو المناداة وحدها؟، على روايتين. الصورة الثانية: إذا قال: علمت أنها غيرها وأردت طلاق المناداة، طلقتا معا، جزم به في "المقنع"، و "الوجيز" وأكثر أصحاب الإمام أحمد. الصورة الثالثة: إذا قال: أردت طلاق الثانية وحدها، طلقت.
ومنها: إذا لقى امرأة ظنها زوجته، فقال: فلانة أنت طالق، طلقت امرأته، جزم به أكثر أصحاب الإمام أحمد.
ومنها: إذا لقي امرأة فظنها أجنبية، فقال: أنت طالق، لم تطلق امرأته، جزم به في "الوجيز"، والله أعلم.
ومنها: إذا كان اسم امرأته "فاطمة"، فقال: "فاطمة طالق"، فإن أراد امرأته طلقت، وإن لم يرد امرأته لم تطلق، وإن ادعاه دين، وهل يقبل في الحكم؟ يخر على الروايتين، وللشافعية وجهان: أحدهما: هكذا، قال الأسنوي: "ويشبه أن يكون هو الأصح". والوجه الثاني: تطلق امرأته، والله أعلم بالصواب.
[القاعدة الحادية عشر]
قاعدة: إذا اشتركت الجملة الأولى، والجملة المعطوفة عليها في اسم، جاز أن تأتي به في الثانية ظاهرا كقولك في كلمتي التشهد: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله"، وضميرا كقولك: " ... ورسوله".
إذا علمت هذا، فيتفرع عليه: ما إذا أتى به في التشهد في الصلاة ضميرا، فقال: "ورسوله"، فلم أر لأصحابنا فيها شيئا، وأما الأسنوي فحكى لهم فيها وجهين.
ومنها: إذا وكل إنسان آخر في شيء، ثم إن الوكيل قال للبائع: بعتَ هذا لموكلي، فقال: بعتُه، فهل يصح هذا؟ فالمتبادر إلى الفهم الصحة، وقد يقال بعدم الصحة من المسألة الأولى، وهو ما إذا قال: "بعتَك" - بفتح التاء -.
ومنها: إذا قيل له يا زيد، فقال: زيدا، عتق عبده بغير خلاف فيه، وأما في الطلاق فهي تشابه ما تقدم.
[القاعدة الثانية عشر]
قاعدة: الفصل صيغة ضمير مرفوع منفصل، يؤتى به بين المبتدأ والخبر، نحو زيد هو القائم، أو ما أصله المبتدأ والخبر نحو كان زيد هو القائم. وهو حرف عند الأكثرين، وصححه ابن عصفور، وقيل هو اسم، وعلى هذا فلا موضع له من الإعراب. وقيل محله محل ما قبله، وقيل ما بعده، وفائدته التأكيد على المشهور.
قاله أبو حيان، وقال السهيلي: الحصر.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: التعاليق والأيمان كقولك:" والله إن زيدا هو القائم، أو هو الآكل، أو هو القاعد، أو هو النائم، ونحوه، فهل يحنث بقيام غيره، وأكل غيره، وقعود غيره، ونوم غيره، وصيام غيره، إذا كان الغير هو الفاعل دونه".
[القاعدة الثالثة عشر]
قاعدة: "من" في إطلاقها على العاقل، وتقع أيضا "ما" لمختلط بمن بعقل، وذهب قطرب إلى أن "من" تقع على من لا يعقل من غير اشتراط شيء بالكلية، و"ما" لما لا يعقل، وتقع أيضا - كما قاله ابن مالك - على المختلط بالعاقل، وذهب جماعة أيضا إلى أنها تقع على من يعقل بلا شرط، وادعى ابن خروف أنه مذهب سيبويه. وتطلق أيضا "ما" على العاقل، إذا كان مبهما لا يعلم أذكر هو أم انثى إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: قول الفقهاء: من رأي هلال رمضان لزمه الصيام، مرادهم به إذا كان عاقلا مكلفا، فالمجنون وغيره لا يلزمه الصيام، وكذا من جامع لزمته الكفارة، وجميع هذا.
ومنها: إذا وقع في الدار حجر من سطح، فقال الزوج، إن لم تخبريني من رماه أنت طالق، فحكى الأسنوي أن في "فتاوى القاضي حسين"، أنها إن قالت: رماه مخلوق لم تطلق، وإن قالت: رماه آدمي طلقت، لأنه قد يكون رماه كلب أو غير آدمي.
ويرد على هذا أن "من" لمن يعقل، فكيف يسأل بصيغة "من يعقل" وتجيبه بصيغة "من لا يعقل"، ولا تطلق.
ومنها: إذا وصى له بما تحمل هذه الجارية، صح ويعطى ما تلد.
ومنها: إذا قال: غصبتك ما تعلم، ولم يعلم شيئا، حبس على تفسيره، فإن فسره بنفسه لم يقبل.
ومنها: قولهم في الحج: مستطيعه هو أن يجد مؤنته ومن يمؤنه، فإذا كان له دابة ولم يجد ما يمؤنها، لا يلزمه الحج، لكن في "المقنع" و "مؤنة عياله"، وأما إذا وجد دابة ولم يجد علفها، فما أظن أحدا يقول بوجوب الحج عليه. والله أعلم.
[القاعدة الرابعة عشر]
قاعدة: صيغة "ما" في قول القائل: خذ ما شئت، يجوز أن تكون موصولة، وأن تكون مصدرية ظرفية، أن مدة مشيئتك.