للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب ذكر البراغيث وطباعها]

قال المؤلف: وإنما ذكر من ذي الجناح لأنه من الحيوان الذي له الوثوب، وقد حكى الجاحظ، أن البرغوث من الخلق الذي يعرض له الطيران كما يعرض للنمل. والبرغوث مشاءً وثّاب. والوثاب من البراغيث لا يمشي وهو يطيل السفاد وتبيض ويفرخ، وهو يتولد من التراب لا سيما في المواضع المظلمة، ولا يوجد منه شيء منه في البلاد الحارة مثل صعيد مصر، ولا في البلاد الباردة الشديدة البرد، وقيل أذى البراغيث إذا البرى غيث، وقيل إذا نقع اسفيذاج الرصاص في الماء ورش في بيت امتنع منه البراغيث وأنشد:

ما للبراغيث أفنى الله عدتها ... من يلقى منهم ما لاقيت لم ينم

ذودهن بكف غير غافلة ... عن منكبي وعن جنبي وعن قدم

قال أضعف خلق الله تعالى مؤلفه: قصدت أن اذكر شيئاً في تأليفي من طبائع حيوان البحر ليكون تذكرة.

[باب في ذكر التمساح وخواصه وطباعه]

وهو أيضاً من المؤذيات فلأجل ذلك بدئ بذكره وهو لا يكون إلا في نيل مصر، وزعم قوم أنه بنهر في السند، لزعمهم أنه من النيل، وهو شديد البطش، ولا يقتل إلا من تحت إبطيه لأن السيوف لا تعمل في جلده، ويعظم إلى أن يكون طوله عشرون ذراعاً في عرض ذراعين ويفترس الفرس والإنسان وحركته في الرقراق، وإذا أراد السفاد خرج والأنثى إلى البر فيقلبها على ظهرها ويستبطنها، فإذا فرغ قلبها لأنها لا تتمكن من الانقلاب لقصر يديها ورجليها، وهي تبيض في البر، فما وقع في الماء صار تمساحاً، وما بقى في البر صار سقنقوراً.

ويقال إنه ليس له مخرج، وإذا امتلأ بطنه خرج إلى البر، ويفتح فمه، فيأتي طائر فلا يزال ينقر ٥٠ أبمنقاره حتى يأتي عليه أو على بعضه، فيكون ذلك غذاء الطائر وراحة التمساح، ويقال أن للتمساح ستاً وستين عرقاً، ويسفد ستين مرة، ويبيض ويعيش ستين سنة، ويوجد في سطحية جلده مما يلي بظنه سلعه كالبيضة دموية كنافجة المسك لا يغادر من رائحة المسك شيئاً إلا أنها تنقطع رائحتها بعد أشهر.

قال بعضهم:

أضمرت للنيل هجراناً ومثلبة ... مذ قيل أن التمساح في النبل

خواصه: شحمه: إذا عجن بشمع وعمل فتيلة وأسرجت في نهر لم تصح الضفادع مادامت الفتيلة.

وقيل: إنه إذا طيف بجلد تمساح حول قرية ثم علق على دهليزها لم يقع البرد في تلك القرية، وإذا عض التمساح الإنسان فوضع على العضة شحم تمساح برئ لساعته.

زبله: يزيل البياض الحادث والقديم، ورائحته مثل المسك، والقبط يقولون إنه المسك، وإن قلعت عينه وهو حي، وعلقت على من به جذام أوقفه بإذن الله تعالى، وإن علق شيء من أسنانه من الجانب الأيمن على رجل زاد في جماعه.

عينه اليسرى: لمن يشتكي عينه اليمنى وبالعكس، وإن مسح بشحم تمساح كبش نطّاح هربت منه الكباش وإن تعسر شحم تمساح فيؤخذ بدله شحم كلب بحري.

سقنقور: إذا عض إنساناً ولم يغتسل بالماء مات لوقته، فإن استحم الإنسان مات السقنقور.

ومن عجائب البحر لدلفين، يقذفه البحر المالح إلى النيل وهيئته كالزّق المنفوخ، وله رأس صغير جداً، ويقال: ليس في دواب البحر من لا له رئة غيره، فلذلك يسمع له التنفيس والنفخ، وهو إذا ظفر بالغريق كان أقوى السباب في نجاته، فلا يزال يدفعه إلى البر حتى ينجيه، وهو من أقوى الدواب المائية، ور يؤذي ولا يأكل إلا السمك خاصة، وربما ظهر على وجه الماء كأنه ميت. وهو يلد ويرضع وأولاده تتبعه، ولا يلد إلا في الصيف. وفي طبعه الدعة والاستيناس بالناس. وخاصةً بالصبيان، وإذا صيد جاءت الدلافين لقتال صائده، فإذا أطلقه لها انصرفت والكبير منها تتبعه الصغار ليحفظها، وهو إذا رام صيد السمك صار إلى الغمق في طرفة عين، وإذا لبث في الغمق حيناً حبس نفسه ويصعد بعد ذلك مسرعاً مثل السهم لطلب التنفس، وإن كانت بين يديه سفينة وثب وثبة يتجاوز بها إلى الناحية الأخرى ولا يرى ذكر إلا مع أنثى.

[باب في ذكر السقنقور وطباعه]

يسمى الحرذون البحري، ويقال له: ورل مائي، ومنه ما هو مصري، ومنه ما هو هندي، ويتولد في بلاد الحبشة، وأنثاه تبيض عشرون بيضة وتدفنها في الرمل، فيكون ذلك حضاناً لها، وجلده في غاية الحسن لما من التدبيج بالسواد والصفرة.

وقال التميمي في كتابه المرشد: لأنثاه فرجان ولذكره إحليلين وبينه وبين الحية عداوة.

<<  <   >  >>