٢٣ دير الأسكون: بفتح همزته، وسكونِ السينِ المهملة، وكافٍ مضمومة، وآخره نون. وهو بالحيرة، فيه قلالي وهياكلُ ورهبان كثيرون، يضيفون من ورد عليهم، وحوله سورٌ عالٍ حصينٌ وعليه باب جديد، ومنه يهبط الهابط إلى غدير بالحيرة، وأرضه رضراض ورمل أبيض، وله مشرعة تقابل الحيرة. لها ماء إذا انقطع النهر كان منها شرب أهل الحيرة.
قلت: هكذا وصف مصنفو الديارات (دير الاسكون) .
٢٤ ورأيت في طريق واسط قرب دير العاقول موضعاً آخر يقال له دير الأسكون أيضاً. والله أعلم.
٢٥ دير أشموني: قال الشابشتي: (أشموني) : امرأة، بني الدير على اسمها، ودفنت فيه. ودير أشموني ب (قطرُبل) ، من أجل متنزهات بغداد، وعيده في اليوم الثالث من تشرين الأول، وهو من الأيام العظيمة ببغداد، وكان يعرف بعيد أشموني. قال جحظة:
سقياً لأشموني ولذاتها ... والعيشِ فيما بينَ عذباتها
سقياً لأيامٍ مضت} لي بها ... ما بين شطيَّها وحاناتها
إذِ اصطباحي في بساتينها ... وإذْ غبُوقي في دياراتِها
وفيه يقول الثرواني:
اشربْ على قرعِ النواقيسِ ... في ديرِ أشموني بتغليسِ
لا تخلِ كأسَ الشربِ واليللُ في ... حدِّ نعيمٍ لا ولا بوسِ
إلا على قرعِ النواقيس ... أو صوتِ قسانٍ وتشمسِ
وهكذا فاشربْ وإلا فكنْ ... مجاوراً بعضَ النواويسِ
وقال أبو الشبل البرجُمي:
شهدتُ مواطنَ اللذاتِ طُرا ... وجبتُ بقاعَها بحراً وبراً
فلم أرَ مثل أشموني محلاً ... ألذَّ أزائريهِ ولا أسرا
ولأبي الشبل قصص وأخبار تدل على تهتكه ومجونه، ذكرها أبو الفرج والشابش.
٢٦ ديرُ الأعلى: قال الشابشتي: هذا الدير بالموصل في أعلاها، على جبلٍ يطل على دجلة والعروبِ.
وهو ديرٌ كبير عامر، يضرب به المثل في رقة الهواء، وحسن المستشرف. ويقال: إنه ليس للنصارى دير مثله، لما فيه من أناجيلهم ومتعبداتهم. وقد ظهر تحته في سنة إحدى وثلاثمائة عدة معاد، كبريتية ومرقشيثا وقلفطار.
ويزعم أهل الموصل أن تحت الدير عيناً [كبيرة تصب في دجلة ولها وقتٌ من السنة يقصدها [الناس فيه] فيستحمون فيها] وأنها تبرئ من الحرب والحكة والبثور، وتنفع المقعدين والزمنى. وإلى جانب هذا الدير مشهد عمرو بن الحمق [الخزاعي] ، وله صحبة، وبنى عليه بنو حمدان مسجداً يتصل بالقبر والشعانين في هذا الدير حسن، يخرج إليه الناس فيقيمون فيه الأيام يشربون، وللشعراء في هذا الدير أقوال كثيرة. يقول أبو الحسين بن أبي البغل وقد اجتاز به يريد الشام:
انظرْ إليَّ بأعلى الديرِ مشترفَا ... لا يبلغُ الطرفُ من أرجائهِ طرفا
كأنما غريتْ غرُّ السحابِ بهِ ... فجاء مختلفاً يلقاكَ مؤتلقا
فلستَ تبصرُ إلا جدولاً سرباً ... أو جنةً سدفاً أو روضةً أنُفا
كما التقتْ فرقُ الأحباب من حرقٍ ... من الوشاةِ، فأبدى الكل ما عرفا
باحُوا بما أضمروا فاخضرَّ ذا حسداً ... واحمرَّ ذا خجلاً، واصفرَّ ذا اسفا
هذي الجنان، فإن جاؤوا بآخرهِ ... فلستُ أتركُ وجهاً ضاحكاً ثقفا
وفيه يقول الخالدي:
قمرٌ بديرِ الموصلِ الأعلى ... أنا [عبده] وهواه لي مولى
لثمَ الصليبَ، فقلتُ من حسدٍ ... قبلُ الحبيبِ فمي بها أولى
جدْ لي بإحداهن [كيْ يحيا بها] ... قلبي فحبتهُ على المقلَى
فاحمَرّ من خجل، وكم قطفَتْ ... عيني شقائقَ وجنةٍ خجلى
وكلتُ صبري عندَ فرقته ... فعرفْتُ كيفَ مصيبةُ الثكلَى
وللثراني فيه:
اسقني الراحَ صباحا ... قهوةٌ صهباءَ راحا
واصطبحْ في الديرِ الأع ... لى في الشعانينَ اصطباحا
وإنْ منْ لم يصطبَحْها ال ... يومَ، لم يلقَ نجاحا
٢٧ دير الأعور: ينسب إلى رجل بناه، يقال له الأعور الإيادي، من بني [حذاقة] بن زهرٍ بن إيادٍ. وهذا الدير بظاهر الكوفة.
٢٨ دير الأكمن: بالفتح، ثم السكون، وضم الميم، وآخره نون، وقيل: باللام، عوضاً عن النون.
وهو على رأس جبلٍ بالقرب من (الجودي) ، وحوله من المياه والشجر والبساتين شيء كثير جداً وإليه ينسب الخمر الموصوف به، فهو النهاية في الجودة، وقيل: إنه لا يورث الخُمار.