للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- إضاءة: والذي يجب اعتماده في مقاطع القوافي أن تكون حروف الروي في كل قافية من الشعر حرفا واحدا بعينه غير متسامح في إيراد ما يقاربه معه. وقد وقع ذلك لبعض من لا يحفل به من العرب، الذين كانت بضاعتهم في الشعر مزجاة. ومما يوجبه الاختيار أيضاً أن تكون حركات حروف الروي من نوع واحد لا يجمع بين رفع وخفض ولا غير ذلك. وقد وقع الجمع بين ذلك للفصحاء على قبح.

٤- تنوير: ومن ذلك أيضاً وجوب التزام حروف العلة الواقعة سواكن بين أقرب متحرك يتلوه ساكن إلى الروي وبين حرف الروي. واختصاص الألف بأول محل من ذلك. وهو ما كان بينه وبين حرف الروي حرف. وتلك الألف المختصة بذلك الموضع تسمى تأسيسا. نحو: (الطويل -ق- المتدارك)

كليني لهم يا أميمة ناصب

وقد وقع ما فيه الألف مع ما ليس فيه على قبح. وأكثر ما وقع من هذا أيضاً ما كان الحرف المتحرك الذي بين التأسيس والروي فيه مفتوحا أو مضموما. وهما صيغتان غير عريقتين في الوضع التأسيسي، إذ الوضع العريق في التأسيس أن يكون المتحرك بين التأسيس والروي مكسورا، وأن يكون حرف التأسيس وحرف الروي من كلمة واحدة، فإن كانا من كلمتين جاز أن يقع ما فيه صورة التأسيس مع ما ليس فيه تأسيس في قافية واحدة، ولم يقبح ذلك.

٥- إضاءة: فأما المحل الأقرب إلى القافية من مظان وقوع الحروف التي تلتزم - وهو ما يلي حرف الروي - فتتعاقب فيه الياء مكسورا ما قبلها والواو مضموما ما قبلها ويتواردان على قافية واحدة. وكذلك أيضاً يتواردان مفتوحا ما قبلهما معا. هذا على الوجه المختار الذي عليه العمل. وقد جاء ضم ما قبل حرف العلة وفتحه معا، وكذلك كسره وفتحه، وكل ذلك على قبح. ويسمى سنادا.

٦- تنوير: وقد يجيء أيضاً مع الياء والواو المفتوح ما قبلهما ما ليس فيه ياء ولا واو على قبح أيضا. فأما إذا كانت الواو مضموما ما قبلها والياء مكسورا ما قبلها فلا يرد معهما ما ليس فيه حرف علة للطول الذي فيهما، إذا كانت حركة ما قبل كليهما من جنسه. فيصير حكمهما حكم الألف في ذلك الموضع في كونها لابد من إعادتها. وتخص الألف في ذلك أنها لا يجوز أن يدخل معها غيرها من حروف العلة. وتمسى الألف المتميزة عن غيرها في هذا الموضع والياء والواو المتواردتان معا أردافا.

٧- إضاءة: ويستحسن في القوافي المقيدة أن تكون حركة ما قبل الروي إما فتحة ملتزمة وإما ضمة وكسرة متعاقبتين. وقد وردت الفتحة معهما في مقيدات شعراء الإسلام. فأما شعراء الجاهلية فيقل ذلك في قوافي أشعارهم.

٨- تنوير: ويستحسن أيضاً في ما كان من كافات الضمائر وتاءات التأنيث مقطع الشعر أن يلتزم قبلها حرف بعينه، ويلتزم فيه حركة بعينها. ويجوز أن لا يلتزم قبل ذلك حرف. فإن لم يلتزم كان الوجه أن تلتزم حركة بعينها، لئلا ينضاف إلى كون الروي ليس بمقطع كلمة وإنما هو حرف زائد يعاد معه كلم مختلفة المقاطع أن يكون ما قبله متغيرا بأنواع الإعراب، فتبعد مقاطع الأبيات بذلك عن التناسب ويقع فيها اختلاف.

ومما التزمت الحركة فيما قبله من ذلك قول الحسين ابن الضحاك: (الطويل -ق- المتدارك)

سقى الله بالقاطول مطرح طرفكا ... وخص بسقياه مناكب قصركا

ولا زالت الأقدار في كل حالة ... عداة لمن عاديت سلما لسلمكا

وقد أجازوا وقوع التغاير بأنواع الحركات وما قبل هذه الحروف الزوائد المقفى بها. ولعل ذلك قياس لا سماع، وهو قبيح كيف ما كان.

فأما هاءات الضمائر وهاءات التأنيث المسكنة وهاءات السكت فلا يكون جميعها إلا صلات لمجاري القوافي، ومجرى القافية هي حركتها. وإذا كانت القافية مطلقة ولم توصل بشيء من هذه الحروف الروادف فإنما تكون صلاتها حروف مد ولين من جنس القافية، وقد يكون إطلاق القافية بالتنوين.

٩- إضاءة: وللقوافي من جهة ما يكون ترتيب الحركات والسكنات فيها صور خمسة، وهي: ١- أن يتوالى في القافية ساكنان من غير فصل بحركة ويسمى المتواتر، نحو: قال بتسكين اللام.

٢- وأن يتوالى فيها ساكنان مفصول بينهما بحركة ويسمى المترادف نحو: أيها الطلل البالي.

٣- وأن يتوالى فيها حركتان نحو منزل ويسمى المتدارك.

٤- وأن يتوالى فيها ثلاث متحركات نحو السند ويسمى المتراكب.

٥- أن يتوالى فيها أربع حركات ولا يكون ذلك إلا في الرجز.

<<  <   >  >>