للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسلوب الخطاب هذا معلوم، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يسِّروا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا" (١) فقد عطف النَّهي عن التَّعسير على الأمر بالتَّيسير، وعطف النَّهي عن التَّنفير على الأمر بالتَّسكين، للإشعار بأنَّ الأمَّة منهيَّة عن أدنى تعسير وأقلِّ تنفير.

هذا وقد أُمِرْنا عند التَّنازع بالرّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، ولم نُأْمَر بالافتراق والشّغب والتَّشْغيب وتهييج الشَّرّ، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (٥٩)} [النِّساء].

إخبار النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن افتراق أمّته والتّنصيص على وحدتها

أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أمَّة الإجابة سيصيبها ما أصاب الأمم السَّابقة من التَّفرُّق بعد الاجتماع، قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"افْتَرَقَتْ اليَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً " (٢).

وهذا لا يؤثّر في وحدة المسلمين، فإنَّما ذكر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك ليحذِّر من الافتراق، لما يترتَّب عليه من الفساد والضَّعف والهوان، وضياع أخوَّة الإيمان، ونقض عرى الإسلام.

كما بيَّن الله تعالى في كتابه أنَّ عامَّة المفترقين المخالفين هَلْكَى بعد أن تبيَّن لهم الهدى، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٧/ص ١٠١) كتاب الأدب.
(٢) أحمد "المسند" (ج ٨/ص ٣٠١/رقم ٨٣٧٧) وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>