للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الخامس

صدّ عاديات الأدعياء عن زوج سيّد الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -

إثم من يحدِّث بكلِّ ما سمع

أمَرَنا الله تعالى بالتَّثبُّت مِنَ الأخبار والآثار، وألَّا نرْكَنَ إليها حتَّى يَظْهرَ صِدْقُها، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)} [الحجرات] كما أمر النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّ أَحَدٍ بالتَّثبُّت فيما يحكيه، والاحتياط فيما يرويه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " كَفَى بِالمرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" (١).

فلا يجوز لمؤمن أن يروي أيَّ خَبَر إلَّا عن ثِقَة مَحْض، ولا أنْ يحدِّثَ بأمر إلَّا بعد أنْ يتوقَّفَ فيه ويعرف حال راويه، فالإسلام جعل الكلمة مسؤوليّة، قال الله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)} [الصّافات] أي عن أفعالهم وأقوالهم.

وإذا كان مِنَ الكذب أنْ يحدِّثَ المرْءُ بكلِّ ما سمع دون أن يتحقَّق، فمقتضى ذلك أنَّ من الكذب كذلك أن يذيع كلَّ ما يقرأ، لا يبالي مِنْ أين أخذه وفيما نشره.

والكذب: هو الإخبار عن الشَّيء بخلاف ما هو في حقيقة الأمر، ولا يشترط فيه القَصْد والعَمْد، لكن العمد شرط للإثم، كما أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ومَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (٢).


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ١/ج ١/ص ٧٣) المقدّمة.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (م ١/ج ١/ص ٣٦) كتاب العلم.

<<  <   >  >>