للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أمضى الله تعالى علينا الاختلاف قدراً، فقال - جل جلاله -: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (١) (١١٩)} [هود].

والاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} أخرج الله - عز وجل - به أَهْلَ الرَّحمةِ من الاختلاف وَمَدَحَهم، ومقتضى مَدْحِهم ذمُّ أهل الاختلاف. لكنَّ هذا الاختلاف اختلافٌ كونيّ وليس اختلافاً شرعيّاً، فنحن مأمورون بدفعه شرعاً.

النّهي عن الاختلاف والأمر بالاجتماع أصلان عظيمان في القرآن

ذمَّ الله تعالى الاختلاف في كتابه، ونهى عن التَّفرُّقِ، وتهدَّد وتوعَّد مَنْ فَارَقَ جماعة المسلمين، وقصَّ علينا خبر أقوام تفرَّقوا واختلفوا لِنَعْتَبِرَ وَنَنْزَجِرَ عن مثل سبيلهم، فقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ (١٥٩)} [الأنعام]، وقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)} [الرّوم]، وقال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)} [المؤمنون].


(١) قوله تعالى: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} يذكِّر بقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٢١٥) كتاب التّوحيد.

<<  <   >  >>