للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخوته ما لقي، {ا قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢)} [يوسف].

وقد جرت سنَّة الله تعالى أن يُبْتَلى الخيار بالشِّرار، والأبرار بالفجَّار، والعلماء بالجهلاء، فلا تَسْتَخِفَّنَّكَ جهالة الجهلاء، فإذا نَالَ منك أخوك فلا تجبه؛ فالتَّقِيُّ مُلْجَمٌ.

[الحاجة إلى فقه الخلاف]

أوصى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصيَّة غالية عند الخلاف ـ وكلُّ وصاياه - صلى الله عليه وسلم - غَوالٍ ـ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اقْرَؤوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ؛ فَقُومُوا عنه " (١).

هذا الحديث عظيم الشَّأن، نهى فيه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الاختلاف في القرآن إذا كان لا يسوغ فيه الاجتهاد، أو تنشأ عنه فتنة أو فرقة أو عداوة أو شجار. وعلَّة النَّهي أنَّ قراءة القرآن فضيلة، ووحدة المسلمين فريضة، فلا يجوز تقديم الفضيلة على الفريضة.

والعبرة ـ كما هو معلوم ـ بعموم اللَّفظ لا بخصوص السَّبب، فليس المراد في الحديث مناسبته، وإنَّما عموم الخلاف المذموم يجب تقديم وحدة الصَّف عليه.

ومن هنا نفهم لماذا حسم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دواعي الاختلاف وطوى بِسَاطَه، وأمر بالقيام. فما أشدَّ حاجتنا إلى تعليم فقه الخلاف في جامعاتنا، ونشر هذه الآداب

النَّبويَّة في مدارسنا، وتمثّلها واقعاً في حياتنا!


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ١١٥) كتاب فضائل القرآن.

<<  <   >  >>