للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رِسْلٍ (١)، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا (٢) حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ " (٣).

هجرتها - رضي الله عنها - وتحمّلها للمشاق

لا شكَّ أنَّ الهجرة أشقُّ على النِّساء من الرِّجال، فالرِّجال من شأنهم السَّعي والضَّرب في أكباد الأرض، فبعد أن أقام النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه في المدينة مع المسلمين مهاجرين وأنصار، هاجرت عائشة وأسماء معاً مع بنات النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومع آل أبى بكر، فنزلوا جميعاً المدينة.

وقد تحمَّلت عائشة - رضي الله عنها - كغيرها المصاعب في طريق الهجرة، روت عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "قدمنا مهاجرين، فسلكنا في ثنيَّة صعبة، فنفر جمل كُنْتُ عليه نُفُوراً مُنكراً، فوالله ما أَنْسَى قول أمِّي: يا عريسة، فركِبَ بي رأسَه، فَسَمِعْتُ قائِلاً يقول: ألقي خِطَامَه، فألقيته، فقام يستدير كأنَّما إنسانٌ قائمٌ تحته" (٤).

ولمَّا وصلت عائشة المدينة نزلت مع أهلها في دار بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، ومرضت بالحمَّى حتَّى تمزَّق شعرها، روى البخاري عنها أنَّها - رضي الله عنها - قالت: " فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ (انْتَتَفَ) شَعَرِي فَوَفَى (٥)


(١) الرِّسْل: اللَّبن.
(٢) الرَّضِيفُ: اللَّبن المَرْضُوفُ، وهو الَّذي طُرِحَ فيه الحجارة المُحْماةُ، ليذْهب وخَمُه.
(٣) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٢٥٥) كتاب المناقب.
(٤) الهيثمي "مجمع الزوائد" (ج ٩/ص ٢٢٨) وقال: رواه الطَّبراني وإسناده حسن.
(٥) أي كَثُر وَفِي الْكَلَام حَذْف تَقْدِيره ثُمَّ فَصَلْتُ مِنْ الحمَّى فَتَرَبَّى شَعْرِي حتَّى وصل المنكبين.

<<  <   >  >>