للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّحابة، فهو يظهر حسن السَّمع والطَّاعة. وقد جعله الله تعالى في كتابه لبيان ما كان عليه أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المسارعة إلى الانقياد والخضوع لله تعالى والتَّسليم للرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم -، وليكون دُعَاءَ مَنْ يأتي بعدهم مِنَ التَّابعين.

وانظر كيف أثنى الله تعالى على سيِّدنا سليمان - عليه السلام - وحمده بصوابه، وعذر سيِّدنا داود - عليه السلام - وعفا عنه باجتهاده، فقال: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا (٧٩)} [الأنبياء].

وإنَّما قال: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} حتَّى لا يتوهَّم متوهِّمٌ أنَّ الله تعالى قد آخَذَ داود - عليه السلام - باجتهاده، ولذلك مدحهما وأثنى عليهما معاً، وساوى بينهما بالحُكْم والعِلْم، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦)} [الجاثية]. فالخطأ فيما فيه اجتِهاد سَائِغ ليس مسوِّغاً للطَّعن في صاحبه، ولا لإطلاق الألسن في جانبه.

لكن مِنَ النَّاس مهما شددت لهم عُرَى الكلام، وجئت ببيِّنة وبرهان، فإنَّ جُهْدَك زائِل، ولا يحلَّى بطائِل، كمضيء الشَّمع في قاعَةِ العميان، أو كقارع الطَّبل في قاعة الطُّرشان.

محاسن من أمسك عن الوقوع في الصّحابة - رضي الله عنهم - وسكت عمّا شجر بينهم

قال الله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١)} [البقرة]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إذا ذكر أصحابي

<<  <   >  >>