للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- رضي الله عنهما - لعائشة - رضي الله عنها - حين فَرَغَ القَومُ:"يا أمَّ المؤمنين، ما أبْعَدَ هذا المسير مِنَ العَهْدِ الَّذي عُهِدَ إليك! قالت: أَبُو اليَقْظَان؟ قَال: نعم، قالت: والله إنَّكَ مَا عَلِمْتُ قوَّالٌ بالحقِّ، قال: الحمْدُ لله الَّذي قَضَى لي على لِسَانِكِ" (١).

مسير عائشة - رضي الله عنها - كان قدراً

أخرج ابن أبي شيبة في مصنّفه بإسناد حسن عنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ مَسِيرِهَا، فَقَالَتْ: " كَانَ قَدَرًا " (٢).

فإذا علمت ذلك تبيّن لك عُذْرَ عائشة - رضي الله عنها - في خروجها، فقد كان قدراً مِنَ الله تعالى، وقدر الله تعالى كائن لا محالة، والاعتراض عليه حرام.

وقد لهج قوم بالاعتراض على خروج عائشة - رضي الله عنها - قروناً مِن الزَّمن، وفي ذلك قدْح في الحِكْمَة؛ لأنَّه اعتراض على قدر الله، وأوَّل مَن اعترض على حكمة الله تعالى إبليس حين قال: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)} [الأعراف].

وقد أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن مضاء خروجها مضاء القدر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِنِسَائِهِ: " لَيْتَ شِعْرِي، أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ (٣)، تَخْرُجُ فَيَنْبَحُهَا كِلَابُ حَوْأَبٍ، يُقْتَلُ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَتْلَى كَثِيرٌ، ثُمَّ تَنْجُو


(١) الطَّبريّ "تاريخ الأمم والملوك" (ج ٣/ص ٥٤٨). وصحَّحه الحافظ في " الفتح " (ح ١٣/ص ٤٩)، وقال: أَخْرَجَه الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن أَبِي يَزِيدَ المدِينِيِّ.
(٢) ابن أبي شيبة "مصنّف ابن أبي شيبة" (ج ١٥/ص ٢٨١/رقم ١٩٦٦٥)، وإسناده حسن. وذكره نعيم بن حمّاد في كتاب " الفتن" (ج ١/ص ٨٢) والواسطي في "تاريخ واسط" (ص ٧١).
(٣) كَثِيرُ الوَبرِ، وَقِيلَ: كثيرُ وَبَرِ الوجهِ.

<<  <   >  >>