للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - " (١).

وذكر الحافظ في الفتح أنَّ أمَّ سلمة امتنعت، وكانت تقول: " لَا يُحَرِّكنِي ظَهْر بَعِير حَتَّى أَلْقَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - " (٢).

والعذر عند أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنَّها تأوَّلت الحديث كما تأوَّله غيرها مِنْ أمَّهات المؤمنين ـ رضي الله عنهنَّ ـ على أنَّ المراد منه أنَّه ليس عليهنَّ حجٌّ واجبٌ بعد تلك الحجَّة، وليس المراد أنَّ الخروج ممتنع عليهنَّ بالكليَّة.

والوجه في عدم إنكار الخلفاء على أمَّهات المؤمنين ـ رضي الله عنهنَّ ـ في الخروج إلى الحجِّ بعد أمر النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لهنَّ بلزوم ظهور الحصر، أنَّهم أعلم بأحكام الله تعالى، وأتقى لله مِنْ أَنْ يخالفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يفهم من الحديث أنَّ الأمر بترك الخروج للوجوب، ثمَّ إنَّ عائشة - رضي الله عنها - سألت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: وقالت: "يَا رَسُولَ الله، أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ: لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - " (٣).

عليّ - رضي الله عنه - يستنفر أهل الكوفة ليعيد عائشة - رضي الله عنها - إلى مأمنها

لم تصحّ الرِّوايات في أنّ عليّاً وعمّاراً - رضي الله عنهما - حَضَّا أهل الكوفة إلى الخروج لقتال أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وأنّه خرج إلى البصرة لملاقاتها، وما صَحَّ ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن زياد الأسَدِيّ، قال: "لمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلى


(١) أحمد "المسند" (ج ١٨/ص ٣١٦/رقم ٢٦٦٣٠) بإسناد صحيح.
(٢) ابن حجر "فتح الباري" (ج ٧/ص ٨٦) كتاب المناقب.
(٣) البخاري "صحيح البخاري" (م ١/ج ٢/ص ٢١٩) كتاب الحجّ.

<<  <   >  >>