للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَمُوتَ يَا حُذَيْفَةُ، وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ" (١).

[الفتن لا تزال إلى يوم القيامة]

ليس غريباً أن تتآزر نصوص الكتاب والسُّنَّة على الأمر بالإصلاح بين المؤمنين، لأنَّ الفتن لا تزال في أمَّته - صلى الله عليه وسلم - ما بقيت الدُّنيا، وبَأْسهم بينهم واقع إلى قيام السَّاعة، وهلاكهم بعضهم ببعض، وهذا مِنْ أعظم ما يتهدَّدهم؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُنِعَ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فقد سأل الله تعالى ثلاثاً، فأعطاه ثنتين ومنعه واحدة.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً: سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا " (٢).

وروى البخاري عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: "لمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (٦٥)} [الأنعام]، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ هَذَا أَيْسَرُ " (٣).

وروى أحمد عَنْ ثَوْبَانَ مولى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي، لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (٤).


(١) أحمد المسند (ج ١٦/ص ٥٧٨/رقم ٢٣١٧٥) وإسناده صحيح.
(٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٩/ج ١٨/ص ١٤) كتاب الفتن.
(٣) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٥/ص ١٩٣) كتاب التّفسير.
(٤) أحمد "المسند" (ج ١٦/ص ٣٠٩/رقم ٢٢٣٥١) وإسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <   >  >>