للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصّحابة - رضي الله عنهم - شهداء الله تعالى

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قال: "مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْراً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: وَجَبَتْ. ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرّاً، فَقَالَ: وَجَبَتْ. فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً، فَوَجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرّاً، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ " (١). وفي رواية، قال - صلى الله عليه وسلم -: "شَهَادَةُ القَوْمِ المُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ الله فِي الأَرْضِ" (٢).

وفي وَسَطِ سورة البقرة، في الآية الثَّالثة والأربعين بعد المائة أثنى الله تعالى على الصَّحابة بأن جَعَلَهُمْ أُمَّةً وسطاً خِيَاراً عُدُولاً في أقوالهم وأفعالهم، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (٣) (١٤٣)} [البقرة]، وبهذا استحقَّ الصَّحابة أن يكونوا شهداءَ الله تعالى على النَّاس يوم القيامة، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (١٤٣)} [البقرة]. وفي سورة الحجّ: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ (٧٨)} [الحجّ].

فالصَّحابة - رضي الله عنهم - شهداء الله تعالى، فكيف يجوز لأحد أن يجرح شهود الله تعالى؟! فإن قال قائل: فقد ضيَّع الصَّحابة إيمانهم بعد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: أما تقرأ القرآن، أما تقرأ قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)} [البقرة]. وإذا كان - عز وجل - بالنَّاس رؤوفاً رحيماً، فكيف بالصَّحابة - رضي الله عنهم -.


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ١/ج ٢/ص ١٠٠) كتاب الجنائز.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٣/ص ١٤٨) كتاب الشّهادات.
(٣) الوسط: العَدْل والخيار، ووسط كُلّ شيءٍ خياره، ووسط العقد: أَنْفَسُه.

<<  <   >  >>