للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه -، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا (١)، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ! فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ (٢)، أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضاً عَلَى مَرَضِي. فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ـ تَعْنِي سَلَّمَ ـ ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تِيكُمْ (٣)؟ فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْتُ أَبَوَيَّ" (٤).

موقف أمّ رومان - رضي الله عنها - من الإفك

لمَّا جاءت عائشة - رضي الله عنها - أبويها سألت أمَّها، وقالت لها: "يا أمَّتاه، مَا يتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَالله لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ الله (٥)! وَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟!


(١) المرط: الكساء من الصّوف أو الكتَّان.
(٢) أي يا هذه.
(٣) اسم إشارة للمؤنَّث.
(٤) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ٥) كتاب التَّفسير. ومسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٩/ج ١٧/ص ١٠٢) كتاب التّوبة.
(٥) تنزِّه الله تعالى أن يقع لأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيّ تدنيس، ولهذا قالت: "سُبْحَانَ الله! " على سبيل التّنزية والاستغاثة بجناب الله تعالى والتَّعجب مِن قول النَّاس ذلك مع براءتها المحقّقة عندها.

<<  <   >  >>