للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[موقف الخادمة بريرة - رضي الله عنها -]

سمعت عائشة - رضي الله عنها - كلام أبيها وعادت إلى بيتها، ممّا يُظْهِرُ حُسْنَ السَّمْعِ والطَّاعة، وجاءَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيتها، وسأل عنها بَرِيرَةَ - رضي الله عنها - (مولاة أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -) سألها عن عائشة، فأخبرته أنَّها ما علمت عليها مِنْ سُوءٍ إلّا أنَّها كانت تعجنُ العجين، وتطلب منها أن تحفظه، فتنام عنه لصغرها، فتأتي الشَّاةُ فتأكله.

تريد أنَّ عائشة - رضي الله عنها - لا تعرف الشَّرَّ أبداً، تغفل عن عجينها لحداثة سنِّها، فطالما أنَّ هذه صفتها فهي أبعد ما تكون عمَّا رُمِيَتْ به، ولا تعدو أن تكون من المحصنات الغافلات المؤمنات.

قَالَتْ عائشة - رضي الله عنها -: " فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ، فَقَالَ: أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ قَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ (١) عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ (٢)، فَتَأْكُلُهُ " (٣).

ما وَجَدَتْ لها عيباً إلّا أنَّها أَمَرَتْها أن تحفَظَ العَجِينَ حتَّى تقتبس ناراً لتخبزه، فنامت عنه، فجاءَتْ الشَّاةُ فأكلته، وهذا من الاستثناء اللَّطيف، فقد أرادت بهذا الاستثناء تخليصها من كلِّ عيب.

وفي رواية هشام بن عروة: " فَقَالَتْ: لَا والله مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا


(١) أعيبه.
(٢) الدَّاجن: الشَّاة الَّتي تألف البيت.
(٣) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ٧) كتاب التَّفسير.

<<  <   >  >>