للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ" (١).

فغايتها عظيمة، ونيَّتها سليمة، ومساعيها كريمة، لكن كان بين الحيَّين من هم مفاتيح للشَّرِّ مغاليق للخير، فكلّ نفس تميل إلى ما يناسبها ويشاكلها: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (٨٤)} [الإسراء].

وإصلاح ذات البين من أصول جماع الدِّين، وهو أفضل عند الله تعالى من درجة الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إِصْلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ" (٢).

وتذهب النَّفسُ حَسْرَة حين تعلم أنَّه مازال هناك مَنْ يتَّهم المصلح، ويبرِّئ المفسد: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ (٢٢٠)} [البقرة].

[الأمر بالإصلاح في القرآن الكريم]

اعلم أنَّ أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - خرجت مصلحة بين النَّاس لأنَّها تعلم أنَّ الله تعالى أمر بالإصلاح ورغَّب فيه وندب إليه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ (١٠)} [الحجرات]، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ (١١٤)} [النّساء]، وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ (١)} [الأنفال]، وقال تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ


(١) الألباني " الصَّحيحة" (م ٣ /ص ٣٢٠/رقم ١٣٣٢)، وقال: بمجموع طرقه حسن.
(٢) أحمد "المسند" (ج ١٨/ص ٥٧١/رقم ٢٧٣٨١) وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>