للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسواء كانت هذه الضَّلالة علماً، أو عبادةً، أو اعتقاداً، أو خُلُقاً.

فلا تسنَّ شرّاً، فتحمل ذنوبك وذنوب مَنْ استنَّ بك إلى يوم القيامة، ولا ينقص ذلك من آثامهم ولا يخفف عمَّن أطاعهم شيئاً، ويشهد لذلك قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٢٥)} [النَّحل] وقوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣)} [العنكبوت].

ويشهد لذلك قولُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا" (١)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَنْ سَنَّ في الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بها بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بها، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ " (٢). فَمِن النَّاس مَنْ يموت ولا يموت وزره!

واعلم أنَّ مَنْ دعا إلى غير سُنَّة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو هدى بغير هديه فكأنَّما يبارز النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالعداوة، لأنَّه قطع عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصولَ ثَواب مَن استنَّ بسنَّته إليه، فاحذر أن تكون داعياً لضلالة، أو باعثاً لفتنة.

موعظة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الّتي ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ!

أخرج أحمد مِن حديث عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَمْرٍو، وَحُجْر بْن حُجْرٍ، قَالَا: " أَتَيْنَا العِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النَّووي" (م ٨/ج ١٦/ص ٢٢٧) كتاب العلم.
(٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النَّووي" (م ٨/ص ٢٢٧) كتاب العلم.

<<  <   >  >>