هذه وصيَّة جامعة مانعة، أوصى فيها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتقوى الله تعالى، وهي وصيَّة الله للأوَّلين والآخرين، وأوصى بالسَّمع والطَّاعة لولاة الأمر حرصاً على جمع الكلمة، وَذَمَّ الاختلاف وأهله، وحذَّر مِنْ سلوك سبيلهم، وأرشد إلى المخرج عند الاختلاف والتَّنازع، وهو لزوم سنَّته - صلى الله عليه وسلم - وسنَّة الخلفاء الرَّاشدين مِنْ بعده، وَقَرَنَ سنَّتَهم بسنَّتِهِ، وأشار - صلى الله عليه وسلم - إلى أنَّ سنَّتهم ترجع إلى سنَّته وتنهل من معينها، فقد أفرد الضَّمير في قوله: "فَتَمَسَّكُوا بها"، وبالغ في الحضِّ على التَّمسُّك بها حتَّى أَمَرَ بالعضِّ عليها بالنَّواجذ، كناية عن شدَّة التَّمسُّك بها على فهم السَّلف، وحذَّر - صلى الله عليه وسلم - من محدثات الأمور، ومضلَّات الهوى.
والحديث من أعلام النُّبوَّة؛ فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - بما يقع بعده في أمَّته، ووقع الأمر
(١) أحمد "المسند" (ج ١٣/ص ٢٨٠/رقم ١٧٠٨٠) وإسناده صحيح.