للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وغير ذلك، وما زالوا يبكون ويتباكون: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)} [التّوبة].

نقض قولهم: عائشة - رضي الله عنها - تروي أنّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حاول التَّردِّي من رؤوس شواهق الجبال

قالوا: روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يريد أنْ يُلقِي نفسه من ذروة جبل، فقد روى عن مَعْمَر، قال الزّهري: فأخبرني عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - وساق حديث بدء الوحي إلى قوله: " وفتر الوحيُ فَتْرَةً ".

وزاد الزّهري: "حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ـ فِيمَا بَلَغَنَا ـ حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ الله حَقّاً، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذلك، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذلك" (١).

قالوا: وهذا يعارض عِصْمَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كذلك يعارض ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: " مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا "؟! (٢).

قالوا: وإذا لم يكن هذا الخبرُ الَّذي رواه البخاري صحيحاً، فكيف يوصف كتابه بالصَّحيح، وهو يطعن على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ويتَّهمه أنَّه كان يريد قتل


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٦٨) كتاب التَّعبير.
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ٣٢) كتاب الطِّبِّ.

<<  <   >  >>