للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه كما روت عائشة - رضي الله عنها -؟!

قلت: هذا كلام مَنْ ليس له درايةٌ بعلم الحديث، فقصَّة التَّردِّي مِن رؤوس شَواهِقِ الجبال مِنَ الوَهْم عزوها للبخاري، فهي من بلاغات الزُّهْرِيّ، وليس مِنْ حديث عائشة - رضي الله عنها -، ووجودها في صحيح البخاري لا يعني أنَّها صحيحة على شرطه، ولكن صنيع البخاريّ يوهم مَنْ لا عِلْمَ له أنَّها على شرطه، فليس كلُّ كلمة في الصَّحيح على شرط البخاريّ.

فهناك أحاديث مسندة صحيحة، وأخرى معلَّقة سقط من أوَّل الإسناد راوٍ فأكثر على التَّوالي، وقد تجد الحديث معلَّقاً في موضع وموصولاً في موضع آخر من كتابه، ومنها ما لا يوجد إلّا معلَّقاً، وقد جمعها الحافظ في كتابه "تغليق التّعليق" وهي قليلة، وجلُّها صحيح.

وقد علَّقها البخاري بصيغتين: صيغةِ الجزم، وصيغة التَّمريض، وما علَّقه بصيغة الجزم فصحيح إلى من علَّقه عنه، ثم النَّظر فيما بعد ذلك، وما كان منها بصيغة التَّمريض ممّا لم يوردْه في موضع آخر فلا يوجدُ فيه ما يلتحقُ بشرطِه إلّا القليلُ، وقد علّقها بهذه الصِّيغة كونه يذكرُها بالمعنى، ولكن فيها الصَّحيح، وفيها ما هو حسن، وفيها دون ذلك.

وهناك الموقوفات، وهي أقوال الصَّحابة أو التَّابعين، ومنها الصَّحيح ومنها دون ذلك، وهذا يعرفُه أهلُ الحديثِ، ولا يجهلُهُ طُلّابُ العِلْمِ، وفي منأى عنه أهلُ الجهل.

ففي آخر حديثِ عائشة - رضي الله عنها -، زاد الزُّهري:"فيما بلغنا" وعلى ذلك فهذا من

<<  <   >  >>