للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلاغات الزُّهري، وليس مِن حديث عائشة - رضي الله عنها -، والزُّهريّ مِن الطَّبقة الرَّابعة أي من الطَّبقة الّتي تلي الوسطى من التَّابعين، وبينه وبين النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - واسطة أو واسطتان أو أكثر، وغالب روايات الزُّهري إذا قال: "بلغنا" الإعضال، أو الإرسال.

والمُعْضَل: هو ما سقط من سنده راويان أو أكثر على التَّوالي، والمرسَل ـ عند الفقهاء والأصوليين ـ ما رفعه غيرُ الصَّحابيِّ، وسمِّي بالمرسَل لأنَّ صاحِبَه أطلقَهُ، ولم يقيِّدْه بالصَّحابيِّ الَّذي رواه عنه.

ومِنْ أهل الحديث مَنْ يرى أنَّ ما أرسَله صِغَارُ التَّابعين منقطع، والحاصل المعضَل والمرسل والمنقطع من أنواع الضَّعيف، ومرسل الزّهري هذا شبه الرِّيح.

قلت: وقد ذكر البخاري حديث (بدء الوحي) في غير موضع من كتابه، فقد ذكره في كتاب التّفسير، وكتاب بدء الوحي، وكتاب بدء الخلق، وكتاب الأدب، وهذه الزِّيادة لم يذكرها إلّا في أوَّل كتاب التَّعبير، ولعلَّه ذكرها لينبِّه إلى مخالفتها لما صحَّ عنده من حديث بدء الوحي.

فالبخاري ـ رحمه الله ـ سمَّى كتابه "الجامع الصَّحيح المسند المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيَّامه" ومن قوله (الصَّحيح) فهم العلماء أنَّه ما أدخل إلّا ما صحَّ ممّا ساق إسناده، وأنّه احترز عن إدخال الضَّعيف، ومن قوله (المسند) أنَّ مراده الأصليّ تخريج الأحاديث المتّصل إسنادها بالصَّحابة - رضي الله عنهم - إلى الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّ الحديث الصَّحيح: مَا رواه عَدْلٌ متْقِن ضَابِطٌ عن مِثْلِهِ إلى منتهاه بإسنادٍ متَّصل من غير شذوذٍ ولا علَّة. كما فهم العلماءُ من عمله في كتابه أنَّه اشترط على رواته: المعاصرَة واللِّقاء، أي معاصرة الرَّاوي مَنْ يروي عنه، وثبوت لقائه له، وأنَّ

<<  <   >  >>