للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما وقع في كتابه من غير شرطِه، فإنَّما وقع عرضاً لا أصلاً ومقصوداً.

قلت: ومِنَ الخطأ الشَّنيع والغلط الفظيع أنْ يقرأَ هؤلاءِ في الجامع الصَّحيح، وهم لا يعرفون مصطلح كاتبه، فهذا يوقع الاضْطِرَابَ فِي الفَهْمِ.

وقصَّةُ التَّردِّي هذه أوردها الألباني في "الضَّعيفة" وقال: "بلاغ الزّهري ليس على شرط البخاري" (١). وهي بلا شكّ من زيادات الزّهري كما جزم بذلك الحافظ في "الفتح"، وقال: "وهو من بلاغات الزّهري وليس موصولاً " (٢).

قلت: وبلاغ الزّهري لم يأت من طريق موصول تقوم به حُجَّة، ولا يحتاج إلى توجيه، فلا ينبغي الانشغال بالفرع طالما لم يسلم الأصل، أيضاً مهما بلغ الرَّاوي مِن الضَّبط والإتقان والورع، فإنَّه يدخل حديثه الشُّذوذ والعلَّة، فالخطأ والتَّصحيف قلَّ أن يَعْرى عنه لبيبٌ أو حصيف، وهذا معلوم لدى المشتغلين في عِلَلِ الحديث.

وقد ثبت في الصَّحيحين عن الزّهري نفسِه أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تحدَّث عن فترة الوحي وحزنه، ولم تَرِدْ كلمةٌ واحدةٌ عن قصَّة التَّردِّي، قَالَ مُحَمَّدُ بنُ شِهَابٍ (الزّهري): فَأَخْبَرَنِي أَبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيَّ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ ـ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: " بَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا الملكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي،


(١) الألباني " السلسلة الضّعيفة والموضوعة " (م ٣/ص ١٦٠/رقم ١٠٥٢).
(٢) ابن حجر " فتح الباري " (ج ١٢/ص ٣٠٢).

<<  <   >  >>